السيرة الذاتية | الفصل الرابع | 140
(124-149)

عندما كنا نتألم كان العالم الإسلامي يبكي، فلو أوغلت أوروبا في إيلامنا لصرخ العالم الإسلامي.
فلو متنا فسوف نموت عشرون مليون (من العثمانيين الأتراك) ولكن نُبعث ثلاثمائة (أي: ثلاثمائة مليون من المسلمين).
نحن نعيش في عصر الخوارق. فبعد مضي سنتين أو ثلاث على موتنا سنرى أحياءً يبعثون. لقد فقدنا بهذه الهزيمة سعادة عاجلة زائلة، ولكن تنتظرنا سعادة آجلة دائمة، فالذي يستبدل مستقبلاً زاهراً فسيحاً بحال حاضرٍ جزئي متغير محدود، لاشك أنه رابح.. واذا بصوت من المجلس:
- بيّن! وضّح ما تقول!
قلت: حروب الدول والأمم قد تخلت عن مواضعها لحروب الطبقات البشرية. والإنسان مثلما يرفض ان يكون أسيراً لا يرضى ان يكون أجيراً أيضاً. فلو كنا منتصرين غالبين، لكنا ننجذب إلى ما لدى أعدائنا من الاستعمار والتسلط، وربما كنا نغلو في ذلك. علماً ان ذلك التيار - التيار الاستعماري الإستبدادي - تيار ظالم ومنافٍ لطبيعة العالم الإسلامي، ومباين لمصالح الأكثرية المطلقة من أهل الإيمان، فضلاً عن ان عمره قصير، ومعرّض للتمزق والتلاشي. ولو كنا متمسكين بذلك التيار لكنا نسوق العالم الإسلامي إلى ما ينافي طبيعته الفطرية. فهذه المدنية الخبيثـة التي لم نرَ منها غير الضرر، وهي المرفوضة في نظر الشريعة، وقد طغت سيئاتُها على حسناتها، تحكم عليها مصلحةُ الإنسان بالنسخ، وتقضي عليها يقظةُ الإنسان وصحوته بالانقراض.
فلو كنا منتصرين لكنا نتعهد حماية هذه المدنية السفيهة المتمردة الغدارة المتوحشة معنىً في أرجاء آسيا.
قال أحدهم من المجلس:
- لِمَ ترفض الشريعة هذه المدنية؟(1)
قلت: لأنها تأسست على خمسة أسس سلبية:
فنقطة استنادها هي: القوة، وهذه شأنها: الاعتداء.
----------------------

(1) المقصود محاسن المدنية التي اسدتها الى البشرية ، وليست سيئاتها وآثامها التي يلهث وراءها الحمقى ظناً منهم ان تلك السيئات حسنات حتى اوردونا الهلاك، ولقد تلقت البشرية صفعتين مريعتين وهما الحربان العالميتان من جراء ما طفحت به كفة سيئات المدنية على حسناتها وتغلبت آثامها على محاسنها حتى ابادتا تلك المدنية الآثمة فقاءت دماً لطخت به وجه الكرة الأرضية كله. نسأل الله ان تغلب بقوة الإسلام في المستقبل محاسن المدنية لتطهّر وجه الأرض من لوثاتها وتضمن السلام العام للبشرية قاطبة.( المؤلف)

لايوجد صوت