السيرة الذاتية | الفصل الرابع | 139
(124-149)

أرى نوراً سينسينا هذه الأيام الحالكة بإذن الله.)(3)
حوار في رؤيا
كنت في أيلول سنة 1919أتقلب في اضطراب شديد، من جراء اليأس البالغ الذي ولّدته حوادث الدهر. كنت أبحث عن نور بين هذه الظلمات المتكاثفة القاتمة.. لم استطع ان أجده في يقظة هي رؤياً في منام. بل وجدته في رؤيا صادقة هي يقظةٌ في الحقيقة.
سأسجل هنا تلك النقاط التي اُستنطقتها واُجريت على لساني من كلام، دون الخوض في التفاصيل. وهي كالآتي:
دخلتُ عالم المثال في ليلة من ليالي الجمعة. جاءني أحدهم وقال:
- يدعوك مجلس موقر مهيب منعقد لبحث مصير العالم الإسلامي، وما آلت إليه حاله.
فذهبت، ورأيت مجلساً منوراً قد حضره السلف الصالحون، وممثلون من العصور، من كل عصر ممثل.. لم أر مثيلهم في الدنيا.. فتهيبت، ووقفت في الباب تأدباً واجلالاً.
قال أحدهم موجهاً كلامه لي:
- يا رجل القدر!.. ويا رجل عصر النكبة والفتنة والهلاك!.. بيّن رأيك في هذا الموضوع. فان لك رأياً فيه.
قلت وأنا واقف: سلوني أُجبْ!
قال أحدهم:
- ماذا ترى في عاقبة هذه الهزيمة - التي آلت إليها الدولة العثمانية - وماذا كنتَ تتوقع ان يؤول إليه أمر الدولة العثمانية لو قُدِّر لها الانتصار؟.
قلت: ان المصيبة ليست شراً محضاً، فقد تنشأ السعادة من النكبة والبلاء، مثلما قد تفضي السعادة إلى بلاء.. فهذه الدولة الإسلامية التي أخذت على عاتقها - سـابقاً - القيام بفريضة الجهاد - فرضاً كفائياً - حفاظاً على العالم الإسلامي وهو كالجسد الواحد، ووضعت نفسها موضع التضحية والفداء لأجله، وحملت راية الخلافة إعلاء لكلمة الله وذوداً عن استقلال العالم الإسلامي.. ستعوّض عما أصابتها من مصيبة، وستزيلها السعادةُ التي سوف يرفل بها عالم الإسلام.
إذ عجّلت هذه المصيبة بعث الاخوة الإسلامية ونماءها في أرجاء العالم الإسلامي، تلك الاخوة التي هي جوهر حياتنا وروحنا. حتى إننا

-------------------------

(3) T. Hayat, ilk hayatı

لايوجد صوت