السيرة الذاتية | الفصل الثاني | 188
(184-199)

تاسعاً: ان الذين يولونكم الحب قلباً وروحاً، ويثمنون خدماتكم وانتصاراتكم في (حرب الاستقلال) هذه، هم جمهور المؤمنين، وبخاصة طبقة العوام، وهم المسلمون الصادقون. فهم يحبونكم بجد، ويعتزون بكم بصدق، ويساندونكم بإخلاص، ويقدّرون تضحياتكم، ويمدّونكم بأضخم ما تنبه لديهم من قوة. وانتم بدوركم ينبغي لكم الاتصال بهم والاستناد إليهم اتباعاً لأوامر القرآن الكريم ولأجل مصلحة الإسلام، والاّ فان تفضيل المتجردين من الإسلام والمبتوتي الصلة بالأمة من مقلدي أوروبا المعجبين بها، وترجيحهم على عامة المسلمين منافٍ كلياً لمصلحة الإسلام؛ وسيولي العالم الإسلامي وجهه إلى جهة أخرى طلباً للمساعدة والعون.
عاشراً: ان كان في طريق تسعة احتمالات للهلاك، واحتمال واحد فقط للنجاة، فلا يسلكها الاّ مجنون طائش لا يبالي بحياته.. ففي أداء الفرائض الدينية نجاة بتسع وتسعين بالمائة، علما انه لا يستغرق - هذا الأداء - الاّ ساعة واحدة في اليوم، مقابل ما قد يمكن ان يكون احتمال ضرر واحد فقط يصيب الدنيا ومن حيث الغفلة والكسل. بينما إهمال الفرائض وتركها فيه احتمال تسع وتسعين بالمائة من الضرر مقابل واحد بالمائة من احتمال النجاة من حيث الغفلة والضلالة.. فيا ترى أي مسوّغٍ وأيّ مبرر يمكن ابتداعه في ترك الفرائض الذي يصيب ضرره الدين والدنيا معاً؟ وكيف تسمح حمية الفرد ونخوته بذلك التهاون؟
ان تصرفات هذه القافلة المجاهدة من أعضاء هذا المجلس العالي بالغة الأهمية، إذ إنها سوف تُقلّد.. فالأمة إما أنها تقلّد أخطاءهم او تنتقدها، وكلاهما ملئ بالأضرار والأخطار. لذا فأن تمسكهم بحقوق الله وتوجههم لأداء الفرائض يتضمن حقوق العباد ايضاً.
ان عملاً جاداً لا ينجز مع أولئك الذين يرضون بأوهام براقة نابعة من سفسطة النفس ووسوسة الشيطان ويصمّون آذانهم عن البلاغ المبين والبراهين الساطعة بالتواتر والإجماع.. ألا إن الحجر الأساس لهذا الانقلاب العظيم يجب ان يكون متيناً صلداً.
ان الشخصية المعنوية لهذا المجلس العالي قد تعهدت معنى (السلطنة) بما تتمتع به من قوة، فان لم يتعهد -هذا البرلمان- معنى (الخلافة) وكالةً ايضاً ولم يقم بامتثال الشعائر الإسلامية ولم يأمر الآخرين بالقيام بها، أي إذا اخفق في تقديم (معنى الخلافة) ولم يستوف

لايوجد صوت