- پاشا.. پاشا.. ان أعظم حقيقة في الإسلام -بعد الإيمان- هي الصلاة، والذي لا يصلي خائن، وحكم الخائن مردود.
فاضطر الباشا إلى كظم غيظه وإلى إعطاء بعض الترضية له.(1)
فقد عرض عليّ -مصطفى كمال- تعييني في وظيفة الواعظ العام في الولايات الشرقية براتب قدره ثلاثمائة ليرة في محل الشيخ السنوسي(2) وذلك لعدم معرفة الشيخ اللغة الكردية. وكذلك تعييني نائباً في مجلس المبعوثان (المجلس النيابى) وفي رئاسة الشؤون الدينية مع عضوية في (دار الحكمة الإسلامية)، وكان يريد بذلك إرضائي وتعويضي عن وظيفتي السابقة..
ولكني عندما لاحظت ان قسماً مما جاء من الأخبار في المتن الأصلي لرسالة (الشعاع الخامس)(3) ينطبق على شخص شاهدته هناك، فقد اضطررت إلى ترك تلك الوظائف المهمة، إذ اقتنعت بان من المستحيل التفاهم مع هذا الشخص او التعامل معه او الوقوف أمامه، فنبذت أمور الدنيا وأمور السياسة والحياة الاجتماعية، وحصرت وقتي في سبيل إنقاذ الإيمان فقط...(4)
ولما سألني بعض الموظفين المرموقين:
لماذا لم تقبل ما عرضه عليك مصطفى كمال حول جعلك واعظاً عاماً ومسؤولاً عن عموم (كوردستان) والولايات الشرقية بدلاً عن الشيخ السنوسي براتب قدره ثلاثمائة ليرة ذلك لأنك لو كنت قبلت هذا العرض منه لكنت سبباً في إنقاذ أرواح مئات الآلاف من الرجال الذين ذهبوا ضحية الثورة.(5)
قلت لهم جواباً على سؤالهم هذا:
بدلاً من قيامي بإنقاذ عشرين او ثلاثين سنة من الحياة الدنيوية لهؤلاء الرجال، فان رسائل النور كانت وسيلة وسبباً لإنقاذ ملايين
---------------------------
(1) الشعاعات/505 ،487
(2) الشيخ السنوسى: عمل واعظاً دينياً فى الولايات الشرقية وكان له دور بارز فى اصدار فتوى الجهاد ضد الانكليز أثناء الاحتلال .
(3) المقصود الأحاديث الشريفة الواردة حول الدجال والسفياني.
(4) الشعاعات/419-421
(5) حدثت في الولايات الشرقية (كردستان) عدة ثورات، كان أهمها الثورة التي قادها أحد مشايخ الصوفية الكردية "الشيخ سعيد پيران (الپالوي)" ضد سياسة مصطفى كمال المعادية للإسلام التي اندلعت في 13/ 2/ 1925 فاسنغلت السلطة الموقف فأصدر المجلس النيابي قانون إقرار السكون فاُخمدت جميع الثورات ومنها هذه الثورة فاُعدم قائد الثورة وسبعةً وأربعين ممن معه فى29/ 6/ 1925 ثم تتابعت الاعدامات.