السيرة الذاتية | الفصل الثاني | 193
(184-199)

يعطي إلى صديقه ذاك كل الشرف وكل المغانم المعنوية فانه يكون بذلك قد جرد الجيش من الشرف، بينما الحقيقة هي وجوب توزيع الأمور الإيجابية والحسنات والافضال على الجماعة وعلى الجيش، أما الأمور السلبية والتقصيرات والتخريبات فيجب توجيهها إلى القيادة وإلى الرأس المدبر وإلى الممسك بزمام الأمور. ذلك لان وجود أي شئ لا يتحقق الا بتحقق جميع شرائطه وأركان وجوده، والقائد هنا شرط واحد فقط من هذه الشروط. أما انتفاء أي شئ وفساده فيكفي له عدم وجود شرط واحد او فساد ركن واحد فقط. لذا يمكن عزو ذلك الفساد إلى الرأس المدبر وإلى الرئيس لان الحسنات والأمور الجيدة تكون عادة إيجابية ووجودية. فلا يمكن حصرها على من هم في رأس الدولة. بينما السيئات والتقصيرات عدمية وتخريبية ويكون الرؤساء هم المسؤولون عنها. ومادام هذا هو الحق وهو الحقيقة، فكيف يمكن ان يقال لرئيس عشيرة قامت بفتوحات: (أحسنت يا حسن آغا)؟ واذا غُلبت تلك العشيرة، وجّهت إلى أفرادها الإهانة والتحقير؟.. ان مثل هذا التصرف يكون مجانباً للحق تماماً ومعاكساً له.
وهكذا فان ذلك المدعي العام الذي قام باتهامي قد جانب الحق والحقيقة وجانب الصواب، ومع ذلك فهو بزعمه قد حكم باسم العدالة.(1)
أما قضية الصفعة الموجهة من (رسائل النور) إلى مصطفى كمال فقد عرفتْ بها ست محاكم وكذلك المراجع الرسمية في (آنقرة) فلم يعترضوا عليها واصدروا قرارهم بتبرئتنا وأعادوا لنا جميع كتبنا ومن ضمنها (الشعاع الخامس). ثم ان قيامي بإظهار سيئاته ليس الا من اجل صيانة كرامة الجيش. أي ان عدم محبة شخص فرد ليس إلاّ من أجل كيل الثناء إلى الجيش بكل حب.(2)
ولو فرضنا ان قائداً رهيباً وعبقرياً استطاع بذكائه ان ينسب لنفسه جميع حسنات الجيش، وان ينسب سيئاته وسلبياته الشخصية للجيش، فانه يكون بذلك قد قلل عدد الحسنات التي هي بعدد أفراد الجيش إلى حسنة شخص واحد، وعندما نسب سيئاته وأخطاءه إلى الجيش يكون قد كثّر هذه السيئات بعدد أفراد الجيش، وهذا ظلم مخيف ومجانب للحقيقة، لذا فقد قلت للمدعي العام في إحدى محاكماتي السابقة عندما

-------------------

(1) الشعاعات/ 419 - 420
(2) الشعاعات/ 454

لايوجد صوت