السنين للحياة الأخروية لمئات الآلاف من المواطنين، أي انها قامت بعمل يكافئ أضعاف تلك الخسارة بآلاف المرات، فلو أنني قبلت ذلك العرض لما ظهرت رسائل النور التي تحمل في طياتها سر الإخلاص والتي لا تكون تابعاً لأي أحد ولا وسيلة استغلال لأي شئ كان. حتى إنني قلت لأصدقائي المحترمين في السجن:
لو ان الحكام الموجودين في آنقرة الذين آلمتهم صفعات رسائل النور الشديدة فحكموا عليّ بالشنق، ثم استطاعت رسائل النور ان تنقذ إيمانهم وان تنقذهم من الإعدام الأبدي، فاشهدوا بانني اصفح عنهم من كل قلبي.(1)
(وحيث انه أدرك الفتنة التي بدأت تعم العالم الإسلامي، والتي استعاذت منها الأمة منذ ألف وأربعمائة سنة وشاهد من هم مسعرو نارها.. تناقش مع مصطفى كمال في أحد الأيام طوال ساعتين وافهمه أن القيام بإزالة الشعائر الإسلامية ابتغاء الحصول على شهرة لدى أعداء الإسلام دمار وأيّ دمار لهذه الأمة وفساد للبلاد والعباد، فإن كان لابد من انقلاب فليكن بالاستناد إلى القرآن الكريم وجعله دستوراً للدولة الحديثة...)(2)
من أقواله في المحاكم بحق مصطفى كمال:
إننا لسنا مع زعيم اصدر حسب هواه أوامر باسم القانون ونفذها بقوة لتحويل (جامع اياصوفيا) إلى دار للأصنام، وجعل مقر المشيخة الإسلامية العامة ثانوية للبنات، لسنا معه فكراً ولا موضوعاً، ولا من حيث الدافع ولا من حيث النتيجة والغاية. ولا نجد انفسنا ملزمين بقبول أمر كهذا.(3)
ولما اعترضت بكلمات قاسية على ذلك الشخص المعروف الذي تولى رئاسة الحكومة بآنقرة، لم يقابلني بشئ، بل آثر الصمت. الاّ ان بعد موته أظهرت حقيقةُ حديث شريف خطأه -كنت قد كتبته قبل أربعين سنة- فتلك الحقيقة والانتقادات التي كانت فطرية وضرورية واتخذناها سرية، وعامة غير خاصة على ذلك الشخص قد طبقها المدعى العام بحذلقة على ذلك الشخص، وجعلها مدار مسؤولية علينا.
-----------------------
(1) الشعاعات/343
(2) T.Hayat, ilk hayatı يمكن مراجعة المثال اللطيف الذي أورده الأستاذ لمصطفى كمال في المكتوبات/533-535
(3) الشعاعات/ 468، 487