السيرة الذاتية | الفصل الثالث | 213
(200-215)

دعاء الشيخ الگيلاني وهمته أم لا؟ ولا جرم ان دعاءه وهمته هي التي ألهبت آهاتنا وأشعلتها فأحترق تلك الليلة(1) قسم من المشيخة التي كانت مقراً للأنوار منذ القدم إنقاذاً لها من الظلمات.
فتأسف الجميع إلاّ أنا ومن مثلي ممن احترق فؤاده، حمدنا الله تعالى.(2)
[ثم غادر استانبول بالباخرة التي مرت بإزمير فأنطاليا، ومن هناك أُخذ إلى بوردور]
1926م ( 1343هـ)
نفي إلى بوردور:
كان المسؤولون في هذه المدينة يراقبون المنفيين مراقبة شديدة، وكان على المنفيين إثبات وجودهم بحضورهم مساء كل يوم لدى الشرطة الا أنني وطلابي المخلصين أُستثنينا من هذا الأمر ما دمت قائماً بخدمة القرآن، فلم أذهب لإثبات الحضور ولم أعرف أحداً من المسؤولين هناك. حتى أن الوالي شكا من عملنا هذا لدى (فوزي باشا)(3) عند قدومه إلى المدينة، فأوصاه: (احترموه! لا تتعرضوا له!.) ان الذي أنطقه بهذا الكلام هو كرامة العمل القرآني ليس الا.(4)
وقبل تسع سنوات عندما أصرّ عليّ قسم من رؤساء العشائر المنفيين معي إلى (بوردور) على قبول زكاتهم كي يحولوا بيني وبين وقوعي في الذل والحاجة لقلة ما كان عندي من النقود، فقلت لأولئك الرؤساء الأثرياء: برغم أن نقودي قليلة جداً الاّ أنني املك الاقتصاد، وقد تعودت على القناعة، فأنا أغنى منكم بكثير. فرفضتُ تكليفهم المتكرر الملح.. ومن الجدير بالملاحظة ان قسماً من أولئك الذين عرضوا عليّ

-------------------------

(1) لقد عثر الباحث الدؤوب نجم الدين شاهين أر من الصحف الصادرة آنئذٍ أن الحريق قد نشب ليلة الجمعة في 29/4/1926 Nurs Yolu/II.
(2) اللمعة الثامنة.
(3) المقصود المارشال فوزي چاقماق الذي كان رئيس اركان الجيش آنذاك.
(4) اللمعات/ 67

لايوجد صوت