السيرة الذاتية | الفصل السابع | 354
(329-358)

هذه الوسائل والأسلحة هي التي يستعملونها لدى هجومهم علينا ايضاً.. الاّ انهم انخدعوا، لان مسلك (رسائل النور) قد أسس على الإخلاص التام، وترك الأنانية، واستشعار الرحمة الإلهية في زحمة الأعمال ومشقاتها، وتحرى اللذائذ الباقية وتذوقها في ثنايا الآلام العابرة، وإظهار الآلام المبرحة في لذائذ السفه نفسها، وبيان ان مدار اللذة الخالصة غير المتناهية في الدنيا ايضاً هو في الإيمان. فضلاً عن قيامها بتعليم الحقائق، وتفهيم المسائل التي تعجز الفلسفة أياً كانت ان تبلغها.لذا ستخيب آمالهم، وتبوء خططهم بالإخفاق بإذن الله، وسيجابهون بأن مسلك رسائل النور لا يقاس مع الطرق الصوفية. ويبهتون.(2)
سيرحب بكم أهل الحقيقة:
اخوتي الأعزاء الصدّيقين !
ان الذين اجتازوا الامتحان الشديد في هاتين المدرستين اليوسفيتين -القديمة والجديدة(1)- ولم يتزعزعوا، ولم يدعوا درسهم الإيماني، ولم يتخلوا عن صفة الطالب مهما كانت الظروف، ولم تنل من معنوياتهم هذه الكثرة الهائلة من الهجمات.. ان هؤلاء يرحب بهم الملائكة والروحانيون، كما سيرحب بهم أهل الحقيقة والجيل المقبل. فأنا مقتنع بهذا، ولكن الضيق المادي شديد لوجود المرضى والفقراء المساكين فيما بينكم. فتجاه هذا الأمر، ليكن كلٌ منكم مسلياً لكلٍ من أولئك، وقدوة حسنة له في الصبر والأخلاق، وأخاً شفيقاً عليه في التساند واللطف، ومخاطباً ذكياً ومجيباً عن أسئلته في أثناء الدرس الإيماني، ومرآة صافية لانعكاس السجايا الفاضلة.. وعندئذٍ تجدون المضايقات قد ولّت واضمحل السأم وتلاشى الضجر. نعم! هكذا أتصور الأمر وأتسلى به يا اخوتي يا من أحبهم أكثر من روحي.
سأرسل لكم يوماً جبة مولانا خالد (قدس سره)(2) والتي عمرها مائة

-----------------

(2) الشعاعات/357-358
(1) المقصود: سجن "اسكى شهر" و "دنيزلى".
(2) هو ابو البهاء ضياء الدين المشهور بمولانا خالد الشهرزوري (1190 - 1242هـ) مجدد عصره، من ائمة الطريقة النقشبندية، فاق علماء عصره فى العلم والتقوى، ربّى كثيراً من الأولياء. تلقى الدرس من عبدالله الدهلوى. توفى فى الشام. وجبته هذه ورثتها السيدة "آسيا" واحتفظت بها حتى اهدتها الى أحد طلاب النور فى "اسپارطة" ليسلّمها هدية الى الأستاذ النورسى الذى احتفظ بها حتى وفاته.

لايوجد صوت