السيرة الذاتية | الفصل الثاني | 514
(503-518)

نعم، نشاهد بأسى وأسف أن تباين أفكارهم كما فرّق الإتحاد فيما بينهم فان تخالف مشاربهم قد أوقف التقدم والرقي أيضاً وذلك لأن كلاً منهم بحكم المتعصب لمسلكه ونظره السطحي لمسلك الآخر، انساق إلى الافراط والتفريط، ففرّط هذا بتضليل ذاك، وأفرط ذاك بتجهيل هذا.
الخلاصة: ان الإسلام لو تجسّم لكان قصراً مشيداً نورانياً ينور الأرض ويبهجها فأحد منازله (مدرسة حديثة)، واحدى حجراته (مدرسة دينية)، واحدى زواياه (تكية)، ورواقه مجمع الكل، ومجلس الشورى، يكمل البعض نقص الآخر.. وكما أن المرآة تمثل صورة الشمس وتعكسها فهذه المدرسة الزهراء ستعكس وتمثل أيضاً صورة ذلك القصر الإلهي الفخم في البلدان الخارجية.(2)
الحكومات المتعاقبة تتبنى القضية:
لقد ألقيت هذه المباحث حول (مدرسة الزهراء) في السنة الثالثة من إعلان الحرية على صورة خطب للأهالي في كل من بتليس ووان ودياربكر وغيرها من الأماكن، وقابلوني جميعاً بالموافقة وبأن هذه المسألة حقيقة ، وممكنة ، وقابلة للتطبيق، لذا أستطيع أن أقول انني مترجم لما كان يدور بخلدهم في هذه المسألة.(1)
فالسلطان رشاد رحمه الله هو اول من قدّر اهمية انشاء هذه الجامعة، فخصص عشرين ألف ليرة ذهبية لانجاز بنائها فقط. وحينما رجعت من الأسر في الحرب العالمية الأولى وافق مئة وثلاثة وستون نائباً -من بين مائتين- في البرلمان ووقّعوا على تخصيص مائة وخمسين ألف ليرة -بقيمة الليرة الثمينة آنئذٍ- للغرض نفسه. وكان مصطفى كمال من ضمنهم. وهذا يعنى انهم أولوا اهميةلإنشاء هذه الجامعة اكثر من أي شئ آخر. بل حتى وقّع ذلك القرار المتغربين من النواب الذين لا يهمهم امر الدين من قريب او بعيد والذين قطعوا صلتهم بالاعراف الإسلامية سوى اثنين منهم حيث قالا: نحن بحاجة إلى الحضارة الغربية اكثر من حاجتنا إلى الجمع بين العلوم الدينية والحديثة.(2)
وهكذا طرحتُ عليهم مشروع بناء جامعة في مدينة (وان) باسم (مدرسة الزهراء) على غرار الأزهر الشريف.. حتى انني وضعت حجرها الأساس بنفسي، ولكن ما ان اندلعت الحرب العالمية الأولى حتى شكلت من طلابي والمتطوعين (فرق الأنصار) وتوليت قيادتهم، فخضنا معارك ضارية في جبهة القفقاس مع الروس المعتدين في (بتليس)..(3)
ثم بعد حوالي ست سنوات ذهبتُ إلى آنقرة، وسعيت في انجاز تلك الحقيقة، وفعلاً وافق مائة وثلاثة وستون نائباً في مجلس الأمة من بين مائتي عضو على تخصيص خمسة عشر ألف ليرة ورقية لبناء مدرستنا، ولكن ياللأسف -ألف ألف مرة- سدّت جميع المدارس الدينية، ولم استطع ان انسجم معهم فتأخر المشروع أيضاً.(4)
------------------------------

(2) صيقل الإسلام- المناظرات / 430
(1) صيقل الإسلام- المناظرات / 430
(2) الملاحق- اميرداغ 2 / 419
(3) الشعاعات /420، 541
(4) الملاحق- قسطموني / 12 الشعاعات/ 336، اللمعات/ 449

لايوجد صوت