التجويد المعنوي:
((كان الأستاذ يقرأ في الصلوات الجهرية - عندما كان في بارلا - ولاسيما صلاة الصبح السور التي تبدأ بـ(الحمد لله).. وكانت قراءته قراءة فوق المعتادة، فكأنه كان يشرح الآيات ويفسرها حيث كانت قراءته تحيط بروحه، فتشعر كأن هالة من نور الهي يغمرك. فقراءته كانت تختلف تماماً عن قراءة غيره من قراء القرآن. فقد كان يقرأه حسب معناه أي حسب التجويد المعنوي.
بتّ ليلة عنده في (بارلا). كان يقوم الليل كله الا قليلاً أما مصلياً او ذاكراً او مسبحاً. وما كان ينام الا قليلاً)).(1)
شاركني في الدعاء:
((كان يقوم لصلاة التهجد كل ليلة. وكنت احياناً أراه وهو يصلي فلا أستطيع النوم. وعندما كان يراني مستيقظاً يقول لي:
- ما دمت مستيقظاً فتعال وشاركني في الدعاء.
ولكني كنت أجهل قراءة أي دعاء، فكان يقول لي:
- سأدعو أنا وردّد أنت بعدي: آمين، فأنا أدعو بدعاء سيدنا يونس عليه السلام(1) وبدعاء (أويس القرني)(2) واطرق باب رحمة الله بهما.
وكنت أغفو احياناً في أثناء الدعاء فكان ينظر اليّ ويقول:
- لقد كنتُ أنا ايضاً مثلك.. ولكنك ستتعود)).(3)
لا راحة بعد اليوم:
((عندما كان ينشغل الأستاذ بعباداته وتضرعاته ومناجاته كان يجلس جلسة التشهد في الصلاة، وكان يطيل هذا النوع من الجلوس ساعات طوالا، حتى أنه من جراء هذا الجلوس تقرحت إصبع قدمه.
فذات يوم طلب من أحد طلابه وهو -ملا رسول-(4) مرهماً لمداواة إصبعه، الذي كان منهمكاً في إيقاد الحطب وإشعاله في الموقد. فالتفت إليه ملا رسول قائلاً:
- ونحن ايضاً نخشى الله ونخافه يا أستاذنا، ولكنك ترتعد من خشيتك حتى تكاد مرارتك تنفجر. فلو كنت تجلس مطمئناً مثلنا لما تقرحت إصبعك!
فأجابه قائلاً:
- ملا رسول! ملا رسول! لقد جئنا إلى هنا لكي نظفر بحياة أبدية خالدة، بهذا العمر القصير والدنيا القصيرة. أأعيش هنا كيفما أشاء ثم أدّعي الجنة وأطلبها.. لا يجوز هذا ابداً...! فلا أجرأ على العيش كما أهوى!
كان الأستاذ يقول هذا وملا رسول يضع المرهم على الجرح أملا بالشفاء)).(5)
--------------------
(1) ذكريات/36 Son Şahitler 1/ 325 من خلوصي يحيى كيل
(1) المقصود الآية الكريمة: ﴿لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين﴾.
(2) هذا الدعاء موجود في اغلب كتب الادعية، ويستهل الدعاء بـ"الهي انت ربي وانا العبد وانت الخالق وانا المخلوق...". انظر الكلمات/781 وقد شرحه الأستاذ في المكتوبات/ 313
(3) ذكريات/10 Son Şahitler 1/247 من ملا حميد
(4) وهو عالم جليل في مدينة "وان" تتلمذ على يد الأستاذ النورسي رغم انه يكبره سناً.
(5) ذكريات/11 Son Şahitler 1/124 من ملا حميد