وترك الفضلة فيه إسراف والاسراف خلاف السنة)).(1)
اثر التواضع:
((كنت طالباً في كلية الآداب، بينما أنا جالس في الصف استمع إلى الدرس إذ جاء أحدهم وقال لي: ان رجلاً في الباب يطلبك فأسرع إليه، فلما أتيته رأيت شاباً رشيقاً وجميلاً يرتدي زي القرويين، عرّف نفسه قائلاً:
- أنا المعلم (مصطفى صونغور) جئت إليك من عند الأستاذ.
واخذ يضمني إلى صدره، وأنا في حالة خجل شديد لا ارغب في الاحتضان، حيث كنت أقول في نفسي كيف احتضن هذا القروي وانظار الطلاب من أهل المدينة مصوبة إلينا، فقد رأيت أن نفسي تستنكف الموقف الحرج. ولكن شخصية هذا الشاب القوية واخلاصه التام وتضحيته في سبيل الإيمان وحبه الجم لرسائل النور قد أثرت فيّ كثيراً. فالذي أريد أن أقوله هو:
- أن رسائل النور والأستاذ نفسه يكسبان الإنسان حالة صميمة وخالصة وجادة، ويجعلان الإنسان يتوجه إلى الباري عز وجل بقلب سليم وبتواضع حقيقي دون غرور او حب للنفس، حيث يصبح الإنسان فعلا في حالة فطرية جميلة وبصورة دائمة، لانه ينظر دائماً إلى الوجه الحسن من أمور الدنيا ولا يفكر إلا بالجميل منها.
فهذه الحالات كانت تبرز بشكل أوضح عند الأستاذ. وأينما التقيت مع أي طالب من طلاب النور إلا ورأيت فيه هذه الصفات الخاصة فتغمرك اخوة خالصة وتواضع جاد. ولذلك عندما رأيت الأستاذ لاول مرة أخذتني الحيرة من شدة تواضعه. حتى دفعني هذا التواضع الشديد منه إلى أن اسأل أحد طلابه قائلا:
- هل يعرف الأستاذ القراءة والكتابة؟ وهل يعرف اللغة العربية؟
وعلى الرغم من أن الأستاذ لا يتحدث عن نفسه قط، بل كان جلّ حديثه حول رسائل النور إلا أن تعامله معك كصديق حميم وأخ مخلص يجعلك تنجذب إليه سواء أكنت طالباً أم صديقاً، فترتبط معه من صميم قلبك، فهو يحاول ربطك بحقائق القرآن ورسائل النور التي هي تفسيره في هذا العصر)).(2)
--------------------------
(1) ذكريات/34 Son Şahitler 1/ 324 من خلوصي يحيى كيل
(2) ذكريات/40 Son Şahitler 2/169 من عبدالله يگن