ان الحيّ بجامعيته كأنه مثالٌ مصغّر للكائنات، وثَمر مُزْهِرٌ لشجرة العالم، ونَواةٌ منوّرة لمجموع الكون، أدرج الفاطر فيه انموذج اكثر انواع العالم، فكأنَّ الحيَّ قطرةٌ محلُوبةٌ من مجموع الكون بنظامات حكيمة معينة، وكأنهُ نقطةٌ جامعةٌ مأخوذة من المجموع بموازين حساسة علمية، فلايمكن ان يَخْلُقَ أدنى ذي حياةٍ إلاّ مَن يأخذ في قبضة تصرفه مجموع الكائنات. فمَن كان له عقل لم يفسد يفهم: أن مَن جعل النحل - مثلا - نوعَ فهرستةٍ(2) لأكثر الاشياء، ومن كتب في ماهية الانسان اكثر مسائل كتاب الكائنات، ومَن ادرج في نواة التينة هندسة شجرة التين، ومَن جعل قلب البشر انموذجاً ومرصاداً لآلاف عوالم، ومَن كتب في حافظة البشر مفصل تاريخ حياته وما يتعلق به.. ليس إلاّ خالق كل شئ، وان هذا التصرف خاتمٌ مخصوص برب العالمين.
اللمعة الثالثة:
انظر الى نقش طغرائه المضروب على (الإحياء، واعطاء الحياة).. نذكر مما لايعد واحداً وهو أنه:
كما أن للشمس على كل شفاف - او كشفاف - من السيارات، الى القطرات، الى الذرات الزجاجية، والزجيجات الثلجية(1) سكة مثالية من جلواتها وطغراء غرّاء خاصة بها..
كذلك انّ للشمس الاحدية السرمدية(2) على كل ذي حياة من جهة الإحياء وافاضة الحياة، طرةً وسكةً من تجلي الأحدية تظهر بخصوصية، لو اجتمع الاسبابُ - بفرض الاقتدار والاختيار لها -
-----------------------
(2) فهرس او فهرست : كلمة معربة ، وفهرستة هنا للافراد.
(1) البلورات الثلجية.
(2) الشمس السرمدية تعبير مألوف في الادب التركي والفارسي بحق الله جلّ جلاله المنّور لكل شئ بخلاف الادب العربي.