ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | لمعات | 16
(9-26)

الحاصل: كما انه لو لم تُسنِد الشُّمَيسَاتِ المشهودة في القطرات الى جلوة الشمس في ضيائها، لزمك قبول شموس غير محصورة في اشياء صغيرة تضيق عن نُجيمة الذبيبة التي تطير في الليل(2)...
كذلك لو لم تُسنِد كل شئ الى القدير المطلق الذي تتساوى بالنسبة الى قدرته الذراتُ والشموس، والجزء والكل، والجزئي والكلي(3)، والصغير والكبير.. لزمك قبول آلهاتٍ(4) غير متناهية وسقطتَ في بلاهة من اشنع البلاهات.
اللمعة الرابعة:
فكما ان الكتاب لو كان مكتوباً، يكفي له قلمٌ واحدٌ لواحدٍ. ولو كان مطبوعاً، يلزم لطبعه اقلام بعدد حروفه - على شكل حروفه - واشتراك كثيرين لتصنيع تلك الاقلام، اي الحروف الحديد. ولو كتب بخط دقيق اكثر الكتاب في بعض الكلمات - كما قد تُكتب سورة (يس) في كلمة (يس)(5) - فحينئذ لابد لطبع تلك الكلمة الواحدة اقلامٌ حديدية بعددحروف أكثر الكتاب..
كذلك هذه الكائنات اذا قلتَ أنها مكتوبة بقلم الواحد الاحد، سلكت طريقاً سهلاً معقولاً في نهاية السهولة بدرجة الوجوب، واذا اسنَدتَها الى الطبيعة والى الاسباب، سلكت طريقاً في نهاية الصعوبة بدرجة الامتناع وفينهاية عدم المعقولية بدرجة المحالية؛ لانه يلزم على الطبيعة ان تُحضِر لطبع كل حي كلَّ ما يلزم لأكثر الكائنات. فهذه من الخرافات التي تمجّها الاوهام. بل لابد ان تُوجِد في كل جزء من التراب والماء والهواء؛ إمّا ملايين مطبعات معنوية وماكينات مستترة

----------------------------

(2) اليراعة : وهي حشرة تطير ليلاً كانها نار.
(3) من الاصطلاحات المستعملة في علم المنطق والكلام ، وللتوضيح نقول : ان اليد والعين كلاً منهما (جزء) من الجسم الذي هو (كل). اما الانسان الذي هو اسم للنوع او للجنس الشامل لأفراد كثيرة فهو (كلي)، وكل فرد من الناس (جزئي). وكذا (الكائن الحي) الذي يندرج تحته كل ذي حياة هو (كلي) بينما نملة او نحلة مثلاً (جزئي).
(4) جمع آلهة التي هي جمع قلة.
(5) كما كتب خطاطون بارعون لوحات فنية فيها سورة (يس) كاملة في كلمة (يس).

لايوجد صوت