شئ، اعظم واجلّ واكبر من جبال الاسباب. اذ تفعل لمعةُ تلك القدرة بامثال الخيوط الدقيقة الجامدة اليابسة امثالَ العناقيد، تلك الخوارق الحيوية الطرية، لو احيلت على الاسباب واجتمعت الاسباب والوسائط على ان يأتوا بمثله ما فعلوا ولو كانَ بعضُهُم لبعضٍ ظَهيراً. وتستلزم هذه الحقيقة ايضاً ان ما يسمى بالقوانين والنواميس انما هي: اسماء وزجيجات لتجليات مجموع العلم والامر والارادة على الانواع. وما القانون، الاّ امرٌ ممدود او أوامر مسرّدة. وما الناموس، الاّ ارادة مطولة او تعلقات منضدة.. فتفتح هذه الحقيقة مشكاة نظارة في الامكان الى مرتبة الوجوب تشهد الكائنات بلسان كل مسبب من مسبباتها منادية: الله لا إله الاّ هُو..
(19) وان (عدم تناهي خوارق نقش صنعة الكائنات واتقانها) والاهتمام بها، تستلزم قدرة غير متناهية، بل كل جزء منها ايضاً يستلزم تلك القدرة. فاذاً تستلزم وتقتضي وتدل بالضرورة على ان لهذه الكائنات خالقاً قديراً، له قدرة كاملة لانهاية لتجليات تلك القدرة بوجه من الوجوه. فاذاً استغنى عن الشركاء بالقطع فلاحاجة اليها بالضرورة، مع ان الشركاء الموهومة المُستَغنىة عنها بالقطع والضرورة، ممتنعةٌ بالذات. لايمكن أن يوجد فرد منها؛ وإلاّ لزم تحديد القدرة الكاملة الغير المتناهية من كل وجه، وانتهاءها في وقت عدم التناهي بالمتناهي بلا ضرورة، بل مع الضرورة في عكسه وهو محال بخمس مراتب بالضرورة. فمن هنا يكون الاستقلال والانفراد خاصيتين ذاتيتين للالوهية. مع انه لامحل ولاموضع ولا مكان للشريك، الا في الفرض الوهمي؛ اذ ما نزل سلطانٌ قط ولا احتمالٌ عن دليل، ولا امكاناً ذاتياً(2) ولم يوجد امارة ما قط على وجود الشريك في جهة من جهات الكائنات. والى اي جهة روجع واستُفسر عن الشريك، اعطي جواب ردٍ باراءة سكة التوحيد، مع انه لامؤثر في الكون على الحقيقة إلاّ واحد احد؛ بسرّ انّ اشرف الكائنات واوسع
------------------
(2) اي: ولا حتى امكاناً ذاتياً.