الاسباب اختياراً: الانسان، مع انه ليس في يد البشر من اظهر افعاله الاختيارية كالأكل والكلام من مائة جزء الاّ جزءٌ واحد مشكوك فيه. فاذا كان الاشرفُ والاوسعُ اختياراً هكذا مغلول الايدي فكيف بالاسباب الجامدة الميتة؟ فكيف يكون المنديل والظرف الذي لف فيه السلطانُ هديته، شريكاً للسلطان او معيناً له؟.. فتتحدس من هنا قطعاً، بان الاسباب حجاب القدرة فقط؛ ومناط الحكمة ليس الاّ.. فتفتح هذه الحقيقة ايضاً مرصاداً ناظراً الى الوجوب والوحدة؛ فتشهد الكائنات فيه بهذا اللسان منادية: الله لا إله إلاّ هُو..
(20) وان (تساند الاسماء المتجلية) في الكائنات، مع شمول بعض الاسماء كل شئ بظهور اثره فيها كالعليم، وتشاركها وتشابكها حتى في ذرة واحدة، وتعاكسها كلاً في كلٍ، وتمازجها كالالوان السبعة في ضياء الشمس، تدل هذه الاحوال مع وحدة أثرها على ان مسماها واحد احد فرد صمد؛ فتفتح مشكاة نظارة الى الواجب الوجود الواحد الأحد تشهد الكائنات فيها بهذا اللسان النوراني: الله لا إله إلاّ هُو..
(21) وان ما يتظاهر في مجموع الكائنات كلاً واجزاء: من (الحكمة العامة) المتضمنة للقصد والشعور والارادة والاختيار، الدالة على وجوب وجود حكيم مطلق؛ لإِمتناع الفعل بلا فاعل، ولإِمتناع ان يكون جزء المفعول المنفعل الجامد فاعلاً لهذا الفعل العام الشعوري..
(22) وما يتلألأ على وجه الكائنات من (العناية التامة) المتضمنة للحكمة واللطف والتحسين، الدالة بالضرورة على وجوب وجود خلاق كريم؛ لامتناع الاحسان بلا محسن..
(23) وما انبسط على وجه الكائنات من (الرحمة الواسعة) المتضمنة للحكمة والعناية والاحسان والانعام والاكرام والتلطيف والتودد والتحبب والتعرف، الدالة على وجوب وجود الرحمن الرحيم؛ لإِمتناع الصفة بلا موصوف ولإِمتناع ان يُلبس هذه الحلة التي تسع