قصر النظر وانحصاره - ينكر وجود الشمس في وسط النهار، مع وجود شهادات سائر الذرات وكل (الشبنمات)(1) والرشاشات والقطرات والحبابات والحياض والبحور والسيارات في ضحوة النهار الصحو.
ثم ان ذلك الاجهل يلتبس عليه (الوجود الظلي بالتجلي) بمقدار لياقة قابلية الشئ المرسمة بالقَدَر (بالوجود بالاصالة) . فاذا رأى الشمس في ذرة شفافة يقول: اين عظمة الشمس، واين حرارتها الخارقة، وكيف وكيف؟. الى آخر بلاهاته!..
وقد يريد ان يقتبس من نارها او يحسها بيده او يؤثر في ذاتها تأثيراً بوجه ما، ولايتفطن ان قربها منه بالتأثير فيه، لايستلزم قربه منها حتى تتأثر الشمس من فعله. ثم انه يرى في صغار الاشياء وخسائسها اتقاناً عجيباً واهتماماً غريباً وصنعة فائقة وحكمة رائقة، فيزعم بالقياس الباطل ان صانع هاتيك تكلَّف في صنعها وتعمَّل كثيراً؛ فيقول: ما قيمة الذباب مثلا، حتى يُصرف له هذا المصرف المهم من صانع حكيم؟ حتى يصير ذلك المسكين سوفسطائياً.
فيا هذا ﴿ولله المَثَلُ الأعلى﴾(النحل:60) ﴿الله خالقُ كلّ شيءٍ وَهُوَ على كلّ شيءٍ وكيل﴾(الزمر:62) لابد ان تعلم اموراً اربعة ينحل بها الاشكال.
الاول: ان كل شئ من الذرات الى الشموس يصفه تعالى بما له(2) في كمال ربوبيته، لكن لايتصف بماله لاجل مظهريته لتجليه..
الثاني: انه ينفتح من كل شئ الى نوره تعالى بابٌ، لكن بانسداد باب واحد في نظر قاصر لاينسد مالايحد من الابواب، وإن امكن فتح الكل بفتح واحدٍ.
-----------------------
(1) الندى.
(2) بما له من صفات جليلة.