ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حبـة | 212
(207-231)

فلا تحسبنّ صغر جِرمك سبباً لصغر جُرمك، اذ ذرة من قساوة قلبك، تكدّر(1) عليك نجوم عالمك..
اعلم ! ان هذه ثلاثون سنة لي مجادلة مع طاغوتين وهما: (انا) في الانسان، و(الطبيعة) في العالم..
اما هذا، فرأيته مرآةً ظلياً حرفياً. لكن نظر الانسانُ اليه نظراً اسمياً قصدياً بالاصالة، فتفرعن عليه وتَنَمرَدَ.
واما هذه، فرأيتها صنعة الهيّة وصبغة رحمانية.. لكن نظرَ البشرُ اليها بنظر الغفلة فتحولت لهم (طبيعة) فتألّهتْ عند مادييهم. فأنشأتْ كفران النِعَم المنجرّ الى الكفر.
فللّه الشكر والحمد وبتوفيق الاحد الصمد وبفيض القرآن المجيد انتجت المجادلة قتل الطاغوتين وكسر الصنمين؛ بالنقطة ، والقطرة، والذرة، والشمة، والحبة، والحباب.. فتكشَّفتْ الصنعةُ الشعورية الالهية والشريعةُ الفطرية الربانية من حجاب الطبيعة الموهومة، وانسلختْ هي منها، اي نهارُها من ليلها. وتكشف (انا) عن ظل (هو) . وانشقّ عنه فاشارت بـ(هو) الى مَن ليس كمثله شئ جل جلاله..
اعلم ! يا (انا) ! لك امور تسعة في دنياك تعاميتَ عن ماهيتها وعواقبها:
أما جسدك؛ فكالثمرة المتزهرة المتزينة صيفاً، المنكمشة المتفسخة شتاءاً.
وأما حيوانيتك(2)؛ فانظر الى جنس الحيوان كيف يسرع فيهم الموت والزوال.
وأما انسانيتك؛ فمترددة بين الانطفاء والاصطفاء والزوال والبقاء، فاستحفظ على ما بقي بما من شأنه ان يبقى بذكر الدائم الباقي.
----------------------

(1) مشتقة من انكدار النجوم اى تناثرها.
(2) اي: حياتك المادية (ت:108).

لايوجد صوت