ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حبـة | 213
(207-231)

واما حياتك(1)؛ فكقامتك قصيرة معينة الحدود لاتقدَّم ولاتؤخَّر فلا تتألم ولاتحزن ولاتخف عليها ولاتحمّلها مالاطاقة لها به مما تطاول اليه طول الامل.
واما وجودك؛ فليس ملكاً لك، فله مالكٌ، الملكُ له واشفق به منك؛ فمداخلتك بغيرِ ما أمركَ به، فكما انها من الفضول وشُغل فضولي فكثيراً ما تضر؛ الا ترى الحرص و(مرق) النوم كيف يفعلان ويجلبان الخيبة والسهر!.
وأما مصائبك؛ فلا تمر(2) حقيقةً لانها تَمُرُّ سريعاً، بل تحلو لانها تَحوُل؛ فتحوِّلُ وجهكَ من الفناء في الفاني الى البقاء بالباقي.
واما انت هنا الآن؛ فمسافرٌ ثم مسافرٌ ثم مسافرٌ، والمسافرُ لايَعلّقُ قلبه بما لايتعلق به ويفارقه بسرعة. فكما ترتحل من هذا المنزل في هذا المسجد البتة، كذلك تفارق هذه البلدة قطعاً، إما الى بطنها او الى خارجها.. فكما ستفارقها بالضرورة، كذلك تذهب بل تُخرَج وتُطردُ - شئتَ أم أبيتَ - من هذه الدنيا الفانية؛ فاخرجْ وانت عزيز قبل ان تُطرد وانت ذليل.
واما وجودك؛ فافْدِهِ لموجدهِ الذي يشتريه بثمنٍ غالٍ، فسارعْ الى البيع بل الفداء:
اولاً: فلأنه يزول مجاناً..
وثانياً: لانه مالُه واليه يؤول..
وثالثاً: لأنه إن اعتمدتَ عليه سقطتَ في العدم لانه (باب اليه) ، واذا فتحته بالتَرك وصلتَ الى الوجود الثابت..
------------------------

(1) اي مدة بقائك وعمرك.
(2) مأخوذة من المرارة ضد الحلاوة.

لايوجد صوت