ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الزهرة | 292
(283-296)

اني جربت نفسي مرةً فرأيتني على جسر امتد من رأس جبلٍ الى رأس جبل شاهقين، وتحتهما وادٍ عميق في غاية العمق، وقد أظلم علينا الدنيا بما فيها.
فنظرت في يميني الماضي، فما رأيت الاّ ظلمات عدمية مدهشة.
ثم في يساري المستقبلي، فما رأيت الاّ غياهب مهددة دهاشة.
ثم الى تحتي، فرأيت عمقاً الى اسفل السافلين.
ثم الى فوقي، فما رأيت الاّ غيماً بكماً صماً يمطر الغم واليتم واليأس والبأس..
ثم في امامي فرأيت في خلال الظلمات عفاريت وعقارب وليوثاً وذئاب كاشرة اسنانها للافتراس..
ثم في خلفي، فما رأيت مدداً ولا مغيثاً ولا معيناً.
فبينما انا مدهوش مأيوس نادم من تجربتي، ! إذ نبهتني الهداية الربانية، فرأيت وقد طلع على الانام قمر الاسلام واشرقت شمس القرآن، فرأيت جسر الحياة طريقاً تمر بين جنان النعم السبحانية وتنتهي الى جنة الرحمة الرحمانية..
ويميني الماضي بساتين مزهرة بالصلحاء، منورة مثمرة بالانبياء والاولياء تجري من تحتهم انهار الدهور وهم في البقاء خالدون.
ويساري فراديس تزهر فيها الآمال والأماني برحمة الحنان المنان..
وفوقنا سحائب الرحمة تفيض علينا ماء الحياة، وفي خلالها تبتسم الشمس بأنوار الهداية والسعادة الابدية.
وأما ما في أمامي من الكائنات، فاخواني واحبابي وانعام مؤنسات، صوّرتها ظلمةُ الضلالة وحوشاً موحشات، فقرأت علينا هذه الواقعة:

لايوجد صوت