اعلم ! ان لله عطايا، وقضايا، ومقدرات.. ينفذ العطاءُ في القضاء ، والقضاءُ في القدَرَ. اي يخرق العطاءُ قانونَ القضاء. كما تنخرق صلابة الحجر والتراب عند مرور العروق اللينة، وتنكسر مقاومةُ الحديد للمَيل اللطيف من الماء اللطيف عند الانجماد، ويُخرق لسهم القضاء قانونُ القدر كما ينخرق القانون الكلي الذي هو قَدَرُ النوع بشذوذ الجزئيات الخارقة المخصّصة للاشارة الى انه سبحانه فاعلٌ مختار يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ويَحْكُمُ ما يريدُ لامانع لما اعطى ولا راد لما قضى.
فنسبة العطاء الى القضاء كنسبة القضاء الى القدر، اي العطاء شذوذٌ عن قانون القضاء كما يقول العارف بحقيقة الحال: (يا الهي ان حسناتي من عطائك، وسيئاتي من قضائك. لولا عطاؤك لكنت من الهالكين) . اي استعداد النفس الامارة بالسوء قانون شر وهلاك.
اعلم ! ان السر في تختيم الآيات بفذلكات متضمنة للاسماء الحسنى - كامثال آية الملك، او بعين الاسماء كما في كثير من الآيات، هو:
ان القرآن الحكيم ببيانه الاعجازي يبسط الآثار للنظر، ثم يستخرج منها الاسماء، كامثال آية: ﴿وهُو الَّذي يَبْدَؤا الخَلْقَ ثُمَّ يُعيدهُ وهُوَ اهْوَنُ علَيْه ولَهُ المثلُ الاعْلى في السَّموات والارْض وهو العزيز الحكيم﴾(الروم:27).
وكذا ينشر للبشر منسوجات صُنعه، ثم يطويها في الاسماء.
وكذا يفصّل أفاعيله ثم يَجْملها باسمائه.
وكذا يرتب المخلوقات ويشفّفها باراءة النظام والميزان والفوائد، ثم يريك فيها الاسماء كأن تلك المخلوقات الفاظ، وهذه الاسماء معانيها او ماؤها او نواتها ايجاداً وخلاصتها علماً.