وكذا يذكر الجزئيات المادية المتكيفة المتغيرة، ثم يجملها بالاسماء الكلية النورانية الثابتة..
وكذا يفرش الكثرة المتوسعة المنتشرة، ثم يضع عليها مظاهر الوحدة كجهة الوحدة..
وكذا يُظهِر باظهارِ غاياتِ المسبَّبات بُعْدَ ما بين الاسباب والمسبَّبات المتصلتين في الظاهر، كما يُرى تماس الافق بالسّماء في ظاهر النظر، مع ان ما بينهما مسافة مدهشة. اذ لا طاقة لأعظم الاسباب بذاته على حمل اخف المسبَّبات، فيُظهر القرآنُ باظهار هذا البُعد محل ظهور الاسماء ومَطَالِعها.
وكذا قد يذكر افاعيل الخلق فيهدّد، ثم يسلّي باسماء تشير الى الرحمة.. وقد يذكر مقاصد جزئية، ثم يقررها باسمآء هي كالقواعد الكلية والبراهين عليها(1)..
اعلم!(2) ان العجز كالعشق طريقٌ موصلٌ الى الله بل اقرب وأسلم. ثم ان اهل السلوك سلكوا في طرق الخفاء على اللطائف العشرة، وطرق الجهر على النفوس السبع.. وهذا العاجز استفاد من القرآن طريقاً قصيراً، وسبيلاً سوياً هو اربع خطوات:
الخطوة الاولى: ما اشارت اليها آية ﴿فلا تُزكّوا انْفُسكم﴾(النجم:32).
والثانية: ما اشارت اليها آية: ﴿ولاَ تكونُوُا كالذينَ نَسوُا الله فأنسـيهم انفْسَهُم﴾ (الحشر:19).
والثالثة: ما اشارت اليها آية: ﴿مَا اَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله ومَا اصَابَكَ مِنْ سَيِئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾(النساء:79).
---------------------
(1) رسالة (المعجزات القرآنية) تفصّل هذه المسائل بأمثلة كثيرة.
(2) تفصيله في ذيل الكلمة السادسة والعشرين.