بل يصرح بعدم التناهي في تجليات الصانع.. وبمباينة ماهيته.. وبتساوي الاشياء بالنسبة الى قدرته.. وبوجوبه.
نعم، ما هذا الجود والايجاد الا من ذلك الوجوب ومن برهانه. والجود في النوع جلالي، والاتقان في الفرد جمالي(1)...
اعلم! ان الصنعة الانسانية تسهل على الصانع بدرجة علمه بها، وتَعسر بمقدار جهله، لاسيما في المصنوعات اللطيفة الدقيقة الجهازات. فكلما كان أعلمَ كانت عليه ايسر واسهل. فما يشاهد من السهولة بلا حدّ في السرعة المطلقة والوسعة المطلقة في خلق الاشياء المنتظمة، يدل قطعاً وحدساً على ان لصانعها علماً لا نهاية له. كما تشير الى تلك السهولة آية ﴿ومَا امْرُنَا الاَّ واحِدةٌ كَلَمحٍ بالْبَصَر﴾(القمر:50).
اعلم! انه كما ان مَن لف على مصنوعٍ او مصنوعات لفائف مصنوعة، وألبس مكنونةً مزينةً أو مكنوناتٍ اقمصةً نُسجت من جنس مادتها - كالجلود - وادرج متولدات منحوتات من بطونٍ متراكمة في اجوافها، لاشك ولاريب ان المظروفَ كالظرف، والمحاطَ كالمحيط صنع واحدٍ ومالُه وملكُه ..
كذلك لا شك ولا ريب ان من لف لفائف الوحدة الاتصالية والنوعية على الكثرة، كوحدة الكل والكلي والظرف.. وكذا ألبس على قامات جماعات هذه المصنوعات المنثورة اقمصةَ هذه العناصر التي كأمهاتها.. وكذا ادرج هذه المخلوقات لاسيما الحيوانات التي هي تماثيل مصغرة لهذه العوالم الكبيرة في اجواف تلك العوالم اللواتي هن كأبنية متداخلة ضربت على موجودات هن كثمراتها او نواتاتها، ماهو الا واحدٌ احدٌ صمدٌ يتجلى على المحيط بالواحدية، وعلى المحاط بالاحدية..
------------------------
(1) اي يتجلى جلاله سبحانه اذا نظر الى النوع - بافراده الكثيرة - اما اذا ما انعم النظر في كل فرد فيتجلى جمال الاتقان في الصنعة . ففي الفرد يتجلى الجمال وفي النوع يتجلى الجلال.