ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 345
(332-392)

له باليسر والسهولة الحضور والتوحيد، وفي طبقة اخرى تستولي الغفلة والاوهام، وقد تتسع عليه الضيقة بحيث يغرق في الكثرة غرقاً تاما، فينسى الوحدة رأساً.
وان المدنيين الذين توهموا السقوط ترقياً، والجهل المركب يقيناً، الانغماس التام في النوم انتباهاً، هم في هذه الطبقة السفلى. فهم ابعد بدرجات من البدويين من درك الحقائق الايمانية.
اعلم! ان الواحدية تدل على ان الاسم يحيط بكل شئ. وان الاحدية تدل على ان كلَّ شئ حي ؛ يشير الى كل اسم له تعلق بالكون، فالتجلي بالواحدية باحاطته بكل الاشياء، وبالاحدية باراءة كل شئ لكل الاسماء.
اعلم! ان اكثر مظاهر الجلال تجلي الاسماء على الكل والكليات والانواع والجماعات. والجود المطلق في النوع من تجلي الجلال. وان اغلب مرايا الجمال المتجلي، نقوشُ جزئيات الموجودات، وجمال اشخاصها مع تزايد الحسن، وجلاء المرآتية بتلاحق الامثال في تكثير الافراد، والاتقان والانتظام الاجمل في شخصٍ شخص من تجلي الجمال.. وكذا يظهر الجلال من تجلي الواحدية ؛ ويظهر الجمال من تجلي الاحدية. وقد يتجلى الجمال من الجلال كما يتجلى الجلال من الجمال.. فما اجمل الجلالُ في عين الجمال، وما اجمل الجمال في عين الجلال!.
اعلم! ان شهود البصر للمصنوع المصنّع المرصّع، مع عدم شهود البصيرة لصانعه ليس الا: اما لعدم البصيرة او عميها، او ضيقها من عظمة تصور المسألة، او للخذلان. والا فهو(1) انكرُ من انكار شهود البصر، كالسوفسطائي بل اشنع واكمه(2)...

---------------

(1) اي: عدم شهود البصيرة للصانع ، اي انكار الصانع!.
(2) كمه كمها: عمى ، اكمه: اكثر عمىً ، وشبه بالسوفسطائي لانه ينكر وجود الاشياء بل حتى نفسه.

لايوجد صوت