ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 347
(332-392)

نوع مستقل منحصرٍ في ذلك الشخص، مع اتحاد النوع وتآخذ اسباب التوافق. فعدم التوافق دليل عدم الاتفاقي وعدم التصادف.
اعلم! ان من مزايا جامعية فطرة الانسان، ومن مميزاته على سائر الحيوان، فهمه لتحيات ذوي الحياة لواهب الحياة. اي انه كما يفهم كلام نفسه، يفهم بسمع الايمان جميع كلمات ذوي الحياة المسبّحات ، بل الجمادات. فكل منها يفهم كلام نفسه فقط - على ما يظهر - كمتكلّمٍ اصمّ من هذه الجهة. واما الانسان فمتكلمٌ سميعٌ يسمع في وسعة البصر، اي يمكن له ان يسمع في وقتٍ بلا مزاحمة ما تتكلم به الموجودات من ادلات الاسماء الحسنى. فقيمة كل منها بمقدار نفسه؛ وقيمة الانسان المؤمن بمقدار الكل . فهو فردٌ كنوعٍ ، بل كانواع.. والله اعلم بالصواب..
اعلم! ان الحقيقة تشبه الظاهر في الصورة، مع عظمة بُعْدِ ما بينهما في نفس الامر. مثلا: التوحيد العامي الظاهري يَثْبُتُ بأن لا يُثبَت ولا يُسند شئ من الاشياء الى غيره تعالى، وهذا النفي سهل بسيط. واما التوحيد لاهل الحقيقة فانما يَثْبُتُ بان يُثْبِتَ كل شئٍ مما يشاهد من الاشياء ويسنده اليه سبحانه، ويرى فيه سكته ويقرأ عليه خاتمه جل جلاله. وهذا الاثبات يثبت الحضور وينافي الغفلة...
اعلم! ان من حكمة امهال الكافر المتوجّه بالمعنى الاسمى والقصد الذاتي الى هذه الحياة الدنيوية؛ خدمته لتظاهر الوان نعمه تعالى الحاصلة بالتركيب الصنعي، وان لم يشعر هو.. وكذا تنظيمه لمحاسن جميلات مصنوعاته تعالى ، وان لم يفهم هو.. وكذا تشهيرُه بطرزٍ جالبٍ للنظر لغرائب صنعته سبحانه، وان لم يتفطن هو.. كالساعة تعلمك عدد الساعات وهي لا تعلم ماتعمل هي..
اعلم! انه يمكن ان يذهب الموفَّق من الظاهر الى الحقيقة بلا مرور على برزخ الطريقة؛ وقد رأيتُ من القرآن طريقا الى الحقيقة

لايوجد صوت