ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 350
(332-392)

الارضية، مصداقاً على تلك النواميس السماوية. فلا تظنن التزلزل بتحريك الاهواء الضالة لبعض التفرعات الجزئية، فاهمية الشئ بقدر قيمته.
اعلم!(3) ايها المصاب ببليةٍ دامت من مدة!. لا توزّع من جنود صبرك وقوته، في مقابلة ما مضى الى يومك هذا، بل الى ساعتك هذه ؛ اذ التحقتْ تلك الايام الاليمة الخالية الى صف جنودك بانقلابها لذائذ معنوية وحسنات اخروية. وكذا لاتوزع من صبرك في مقابلة ما يأتي بعد يومك هذا، ، بل ساعتك هذه. اذ هو عدم ومعدوم وفي يد المشيئة. فاجمِع جميعَ قوة صبرك وجنودِه على هذا اليوم، وفي هذه الساعة، مع تقوّي قوتك المعنوية بالتحاق جنود البلايا الاعداء الى جنودك بانقلابها احباباً ممدةً، مع الاستمداد من التوكل على المالك الكريم الرحيم الحكيم في مقابلة ما يأتي. فاذا فعلت هكذا، يكفي اضعفُ صبرك لاعظم مصيبتك .
اعلم! انه كثيراً ما يتوهم - بقصور الفهم - ما هو من منابع الحقيقة ومعادن الحق انه من مخايل المبالغة ومظان المجازفة.
مثلا: روي: (لو وزنت الدنيا عند الله جناح بعوضة، ما شرب الكافر منها جرعة ماء)(1) او كما قال.. المراد لايساوي ما تمثّل في مرآة حياتك الفانية ووُسعة عمرك الزائل من هذه الدنيا الخارجية، مقدار جناح بعوضة من عالم البقاء. كما ان حبة باقية بالتنبت ترجّح على بيدر من تبنٍ يفنى بالتفتت.. فلكل احد من هذه الدنيا التي هي مظاهر الاسماء الحسنى ومزرعة الاخرة دنياً. فان نظر الى دنياه بالمعنى الحرفي، واستعملها للباقي كانت لها قيمة عظيمة؛ والا

----------------------

(3) تفصيل هذه المسألة في الكلمة الحادية والعشرين.
(1) رواه الترمذي 2422 تحفة الاحوذي وقال الترمذي: حديث صحيح غريب من هذا الوجه. والضياء في المختارة عن سهل بن سعد (انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته 5168 قال المحقق: صحيح وفصل عليه القول في الاحاديث الصحيحة برقم 943).

لايوجد صوت