ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 353
(332-392)

اعلم! ان مما يحجبك عن الله ويبقيك في الغفلة؛ انحصار نظرك الجزئي على الجزء والجزئي، فيجوِّز صدوره بالتصادف عن الاسباب الواهية. واما اذا رفع رأسه ومد نظره الى الكل والكلي، لا يجوّز صدور ادنى شئ من اعظم الاسباب.
مثلاً: يمكنك ان تسند رزقك الجزئي الى بعض الاسباب، ثم اذا نظرت الى خلو الارض وفقرها في الشتاء، ثم امتلائها متبرجة متزينة بالارزاق التي طبختها القدرة في مراجل الاشجار وجفان الجنان، تيقنتَ انه لايمكن ان يكون رازقك الا من يرزق كل حي بإحياء الارض بعد موتها.
ومثلا: يمكنك ان تسند ضياءك الجزئي المادي، ونورك المخصوص المعنوي الى بعض الاسباب الظاهرية فتقول: ﴿انّمَا اوتُيتُهُ عَلى علمْ﴾(القصص:78) ثم اذا نظرت الى اتصال ضيائك بنور النهار، واتصال نور قلبك بضياء منبع الانوار، تيقنت انه لا يقتدر على اضاءة قالبك، وتنوير قلبك حقيقةً الا من يقلب الليل والنهاربتحريك السيارات والاقمار. يضلّ من يشاء من الفجار ويهدي من يشاء من الابرار بتنزيل التنزيل للاعتبار والاختبار.
اعلم! ايها الانسان امامك مسائل عظيمة هائلة، تجُبر كل ذي شعور على الاهتمام بها!..
منها (الموت) الذي هو فراقك عن كل محبوباتك من الدنيا وما فيها.
ومنها (السفر) الى ابد الآباد في اهوال دهاشة.
ومنها (عجزك) الغير المعدود في (فقرك) الغير المحدود في سفرك الغير المحصور في عمر معدودٍ محدود، وهكذا.

لايوجد صوت