ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 356
(332-392)

ارتباط، يسمع ويبصر كل ما يجري في كل مكان ومن كل مكين،كأنه هو في كلٍ وعند كلٍ، فيسمع ذلك الخادم بسمعِ سيده، ويبصرُ ببصره بواسطة آلات المخابرة والمشاهدة؛ لذيذات النغمات وجميلات الصور، الموجودات في محلّ سلطنة بعيدةٍ..
اعلم!(1) يا من يشتاق الى معرفة اخبار امثال القمر، بحيث لو قيل لك ان افديت نصف عمرك؛ لنزل احدٌ من القمر واخبرك بان في القمر كذا وكذا، واخبرك بحقيقة استقبالك، لفديت بلا تأسف(2).
انه جاء احدٌ يخبرك اخبار مَن ؛ ليس القمر الا كذباب يطير حول فَراشٍ ، يطيرُ هو حول سراجٍ من قناديل سقف بيته الذي اعدّه لعبيده المسافرين .. وكذا يخبرك باخبار الازل والابد، والحياة الابدية، والحقائق الاساسية، والمسائل العظيمة التي اصغرُها اعظمُ من انفلاق الارض مع القمر. فان شئت فاستمع الى سورة ﴿اذا الشَّمْسُ كوِّرَتْ﴾والى ﴿اذا السَّماءُ انفَطَرتْ﴾ وامثالها.. وكذا يريك سبيلاً سوياً الى الوحدة، يُنجيك من التشتت في ضلالات الكثرة الموحشة، ويمد الى يدك العروة الوثقى وسلسلة عرشية تنقذ من استمسك بها من الغرق في ظلمات الممكنات المشتتة، ويسقيك من عين الايمان بالحياة الابدية ماء الحياة، لتخلِّصك من الاحتراق بنار الفراق من جميع ما تحبه على الاطلاق.. وكذا يخبرك بمرضيات خالقك الذي؛ الشمسُ والقمرُ والنجوم مسخَّرات بأمره واستقرت الارضُ باذنه وبمطالبه منك.. وكذا صار ترجماناً لمخابرة سلطان الازل والابد الذي لا نهاية لقدرته وغَنَائه، وبمكالمته معك ايها العاجز بلا نهاية، والفقير بلا غاية.
فمع كل ذلك كيف لا تترك نفسك لفهم هدى القرآن؟ ولا تنسَ هَوسكَ لاستماع رسول الرحمن؟ وكيف لا تستقبل رسوله بالتسليم

-----------------

(1) تراجع الرشحة العاشرة من الكلمة التاسعة عشرة.
(2) اذ الانسان مستعد بأن يتنازل عن نصف عمره في سبيل الوصول الى حقيقة مستقبله (ت:196).

لايوجد صوت