ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | شعلة | 404
(393-427)

وجوداً وبقاء، وما ذلك الشئ الا من لمعات وتجليات انوار قدرةِ من خزائنه بين الكاف والنون.
لكن ! انّ من الاسماء ما يقبل توسط الوسائط الظاهرية، فيتجلى ذلك الاسم في خلال الحُجُب، وخلفَ السرادقات: كالمتكلم، والرّزاق، والوهاب، وامثالها. وبعضها لا يقبل التوسيط ولو ظاهريا: كالخالق، والموجِد، والمحيي، وامثالها. كمثل السلطان مع النفر؛ ففي نفس ارزاقه وسلاحه ولباسه لا واسطة، وفي تحريكه وتعليمه وتوظيفه وتلطيفه تتوسط الوسائط، لكن باذن السلطان. الا ان التوسط هنا لعجز سلطان البشر وضعفه. وهناك لعزة سلطان الازل وعظمته..
اعلم! اني رأيت على رأس شجيرة نابتة في صخرة، نوعين من الثمرات، فتحيرت منه!(1) فتحرّيتها: فاذا أحد النوعين؛ ثمرتُها الخاصة بها يقال لها بالكوردي (كزوان)(2). والنوع الثاني كالباقلة بمقدار الاصابع، او اصغر او اكبر، مقوسة مجوفة كالمنزل المعد للمسافرين. فاخذت من الثمرة الثانية واحدةً، واذ فتحتها تسارعت الى الطيران في الهواء طويرات، كالذر في الصغر، وهي التي تراها صافاتٍ كاخواتها من طويرات النمل والذباب، قبيل الغروب وهي ترقص في الضياء بجذبةِ الذكر - فلا تظنن انهن لاهيات لاعبات؛ بل ماهن الا مجذوبات ذاكرات للرحمن الذي يمسكهن في الهواء - وهى شبان وتجعل لهن - وهي اجنة - هذه الباقلة التي كما انها لا تناسبهن لمخالفة الجنس ولاتناسب الشجيرة لمخالفة النوع، اوكاراً كالارحام لطيفةً حصينةً من احسن الاوكار، فيها ارزاق نظيفة لذيذة.
فهذه الحالة تصرح بان هذه المعاملة انما تصدر مِن نظرٍ وتدبير فوق نظر هذا الجامد وهذه البهيمة؛ اذ لما لم يصلحا لهذا التدبير الحكيم ؛ لزمتْ حوالة(3) هذا التدبير على خارجٍ عليمٍ، وهذا الخارج المتصرف

-----------------

(1) اي: تحيرت مما رأيت.
(2) وهي الحبة الخضراء.
(3) بمعنى إحالة.

لايوجد صوت