ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | شعلة | 405
(393-427)

لابد من اول الامر البتة ان يحيط بكل افراد هذين النوعين في جميع اقطار الارض. وكذا بما يتعلق بهما، وكذا بمهدهما بالضرورة القطعية. ولايكون هكذا الا مَن هو عليمٌ بكل شئ، وقدير على كل شئ.
اسألك يامن يجوِّز تصرف غير الله في ملك الله! ويامن يقبل امكان وجود التصادف في بعض لطائف صنع الله! كيف تسمع، ام كيف تفهم، ام كيف تعلم هذه الشجيرةُ لسانَ الذبابة التي باضت على رأس غصنها، مودعة بيضاتها في يد حمايتها، حتى تشرع الشجيرة في ذلك الآن تتخذ بألطف شفقة اوكاراً امينة كأرحام الامهات، او اَرحاماً كالاوكار رفيعةً، ومهاداً مهتزةً في الهواء. فتأخذ الشجيرة من خزينة الرحمة رزقا كافيا، وافيا، لذيذا، عزيزا. فتدخره في تلك الاوكار في سبيل الله لمن ليس من ابناء جنسها، ولا من جنس بناتها، بل لمسافرين هم وديعة الله. فما هذا (التجاوب) بين هؤلاء المصنوعات الاّ آية شاهدة بانّ كليهما، بل الكل، بل كلّ ما في الكون خدام سيد واحد، وتحت تدبير مربٍ واحد، وفي تربية مدبرٍ واحد، احد صمد. آمنا..
اعلم ! ان النظر الى الهوام الذاكرات لفاطرها في جو الهواء بألسنة احوالها واطوارها ونقوشها المنظومة واجسامها الموزونة المكتوبة كالكلمات المنقوشة كما تذكُر الله وتفهِّم ذكرها لك، وإن لم تفهم هي بنفسها بألسنتها المخصوصة واصواتها الملفوظة. كأن كل طويرة منها كلمةٌ ناطقة بلسانها عين ما تنطق به ذاتها.. وكذا النظر الى الحشرات المسبحات لخالقها في جوف الغبراء بألسنة نقوشها وتزيناتها المكتوبة بقلم القدرة، كما تسبّح بكلامها الملفوظ المخصوص بها، لابد ان يفيدك اموراً اربعة:
فأولا: اطمئنان النفس، بانك في مأمن حصين وحصن أمين محاط من كل وجه بمولودات واطفال وطفيلات تربيها شفقةُ عليم، وتدبرها تربيةُ حكيم، وتزينها عناية كريم، وتحُسن اليها رحمة رحيم . فانت تحت نظر هذا العليم الحكيم الكريم الرحيم دائما..

لايوجد صوت