ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | شعلة | 408
(393-427)

بالتحقيق لما رأيت شيئا مما توهمته حينما دخلت فيه بالفرض من طريق القياس النفسي.
وكما أخطأت بهذا القياس قد تخطئ اعظم خطأ بقياس آخر، وهو انك ترى النحلة مثلا، مصنوعة فتقيس بلا شعور صانعها الواجب الواحد الحكيم الذي لاكلفة ولا معالجة ولا مباشرة بالاختلاط ولاتَعَمُّلَ في افاعيله ؛ قياساً على الممكن المسكين الكثير الكثيف المقيد المحدود الذي افاعيله لا تكون الا بالمباشرة والمخالطة والكلفة والمعالجة؛ فتتوهم من هذا القياس قربَك وقربَ تلك المصنوعة التي يجول قلم الصانع عليها الآن بل دائما، من صانعها المتقدس المتنزه المتعالى. نعم هو جل شأنه من جانبه سبحانه قريب.. لا اقربَ منه، اقربُ من كل قريب، واقربُ من حبل الوريد.. لكن انت ، وهذا المصنوع، من جهتكما بعيدان ببعدٍ لا نهاية له، كمثل الزجاجة التي تمثلت فيها الشمسُ بالتجلي فتلألأت بشعاعها، وتنورت بضيائها، وتزينت بأنكسار الالوان السبعة التي في ضيائها، وانفتح من ملكوت قلب الزجاجة الى ذات الشمس منفذٌ وسبيل فيرى من ظاهر مُلكها تمثالَ الشمس مع لوازمه في بطن وجه تلك الزجاجة بالقرب من يدك. لكن ان مددت يَدَك ما وصلتَ الى شئ، ولو مُد يدك بسبعين بل بسبعمائة مثل قطر الارض. حتى ان من في عقله بلاهة وفي قلبه محبة للشمس، قد يريد ان يصل الى محبوبته الشمس في كل ما تلألأت فيه، مستنداً بهذا الوهم السطحي، والرؤية الظاهرة.
وكذا قد يَطلب من كل ما تمثل فيه الشمس تمام ما سمعَه او عرفَه من اوصاف ذات الشمس ، ولوازماتها التي لايسعها الا مجموع عالم منظومتها، فان لم يجد الاوصاف في المثال في شئ، يشرع ينكر وجود الشمس في ذلك الشئ . بل قد ينكرها مطلقا.
والقلب مرآة الاحد الصمد، لكن له شعور احتساس بما تجلّى فيه، وعلاقةُ مفتونيةٍ بما تمَثل فيه، خلافا لسائر المرآيا. كما بيّنه الامام الربّاني رضي الله عنه. وبهذه الخاصية يستعد القلب لسعادات لاتعد.

لايوجد صوت