ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | شعلة | 414
(393-427)

اعلم! ان الدعاء على ثلاثة افسام:
الاول: دعاء الانسان، بهذا اللسان بالقول. وكذا الحيوانات الصائحات بالسنتها المخصوصة، في الحاجات المشعورة لهم.
والثاني: الدعاء بلسان الاحتياج، كدعاء جميع النباتات، والاشجار (لا سيما في الربيع) . وكذا في كل الحيوانات في الحاجات الضرورية الغير المشعورة..
والثالث: الدعاء بلسان الاستعداد، كدعاء كل ما فيه نشوء ونماء، وتحوّل وتكمل. فكما ان: ﴿وانْ من شئٍ الاَّ يُسبحُ بِحَمْدِهِ﴾(الاسراء:44) كذلك إن من شئٍٍ الا ويدعوه، ويشكره بذاته وحاله دائما، كما قد يدعو بلسانه.
اعلم! ان النواة قبل ان تتشجر.. والنطفة قبل ان تتبشر.. والبيضة قبل ان تتطير.. والحبة قبل ان تتسنبل، لابد ان تكون تحت تدبير علمٍ تام نافذ وتربيةٍ، لتساقَ مِن بين ما لايُحَدّ من الطرق العقيمة المعوجة، الى الصراط المستقيم المنتجَة. فما هو الا علمُ علام الغيوب الذي يصوِّر في الارحام كيف يشاء، عالم الغيب: (غيب الماضي، والمستقبل، والشهادة، شهادة الحال الحاضر) . فكأن كلاً من النواة والنطفة والبيضة والحبة تذكرةٌ مختصرة، استنسخت من الكتاب المبين من كتب القُدرة.. او فهرستةٌ، أستخرجت من الامام المبين من كُتب العلم الازلي ومكتوباته.. او دساتيرٌ، أستنبطت من ام الكتاب من كُتب القَدَر الازلي، لا سيما من باب الميزان والنظام.. او فذلكةُ اوامرٍ متمثلة متمركزة ممتزجة، تنزَّلتْ من ربوبية القدير على كل شئ، العليم بكل شئ. جل جلاله.
اعلم! ان نظر المؤمن الى المصنوعات حرفيٌ ؛ انما ينظر اليها لتدل على معنى في غيرها..
واما نظر الكافر اليها، فقصدي اسمىٌ؛ لتدل على معنى في نفسها.

لايوجد صوت