ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | شعلة | 417
(393-427)

ايها الانسان الظلوم الجهول! اتق الشر ما استطعت. والا استحققت جزاءَ تركك(2) مع جزاء تفويتك لنتيجة سائر الاسباب السابقة عليك، في سلسلة مبادي وجود النتيجة. اذ الشرُّ عدمٌ. وبعدم الجزء الآخر من العلة ينعدم المعلول. فيعود على الجزء الآخر، كل ضرر عدم المعلول. الا ان ثمرات الوجود لا تعود اليه الا بمقدار حصته، اذ وجود الجزء ليس علة لوجود الكل. فمن هنا يُرى كمال عفوه تعالى، وكمال فضله؛ اذ يجزي بالشر مثلَه، وبالخير عشرةَ امثاله. مع اقتضاء الاستحقاق الواقعي عكسه(1). وكذا يُرى ظلم البشر بحكمهم بعكس الواقع..
اعلم ! ان الانسان مبتلىً بالنسيان، واسوأ النسيان نسيانَ نفسه. الا ان نسيان النفس ان كان في المعاملة، والخدمة، والسعي، والتفكر فهو الضلال. وان كان في النتائج والغايات فهو الكمال. فاهل الضلال، واهل الهدى متعاكسان في النسيان والتذكر. اما الضال ؛ فينسى نفسه عند النظر للعمل، و تطبيق دساتير الوظيفة، بل يمدّ نظرَه الى الآفاق لتطمين الانانية المتفرعنة، وغرورَه المنبسط الذي تضيق عنه النفس. لكن يتذكر نفسه في كل شئ من الغايات فتيلاً او نقيراً. حتى لا غاية عنده، الا ما يعود الى نفسه. وان غاية الغايات في نظره، حب ذاته.
واما من زكّاها فيتذكر نفسَه قبل كل شئ عند السعي، والسلوك في الحركة، او التفكر، فكأن نفسه واحد قياسي، ومبدأ مركزي لكل عملٍ وتفكر. لكن ينسَى نفسه في النتائج، والاعراض، والفوائد، والمقاصد. حتى كأن نفسه فانية، وداخلة في لا شئ، او مملوكة خدمت سيدها بلذة

-----------------

(2) جزاء تركك الخير.
(1) حيث الحسنات لانها ايجابية ووجودية فلا تتعدد مادياً ولا تحصل بايجاد العبد، فالمفروض ان تكتب حسنة واحدة بعكس السيئات التي تتعدد وتتجاوز، فالمفروض ان تكتب الف سيئة. راجع ان شئت رسالة (حكمة الاستعاذة) اللمعة الثالثة عشرة، ففيها التفصيل الشافي.

لايوجد صوت