الدرجة، وسر ﴿ورحمتي وسعت كل شئ﴾(الاعراف:156) وكثرة الروايات المؤيدات للمكافأة، والقصاص في الحيوانات في الحشر ؛ تشير الى بقاء ارواح الحيوانات، ومكافاتها على وظائفها التي امتثلوها بكمال الاطاعة والانقياد(1). واما المنقلب ترابا بعد الحشر؛ فهو اجسادُهم. الا انه يجوز ان يجتمع تمام نوع منه (مجتمعا، او فرداً فرداً) في جسد شخص مبارك، كالناقة المذكورة في القرآن والكبش، والكلب، والهدهد، والنملة وغيرها..
اعلم ! ايها السعيد المسكين الحريص على بقاء الوجود، في هذه الدنيا الفانية، فرغمًا على انفك تفنى، الاّ ما ابقاه الباقي. ويزول وجودك، الا ما توجه الى جهته سبحانه. وتنطفئ حياتُك، الا ما افنيته في سبيله.
فما دام هذا هكذا.. فقل: حسبي من البقاء، ان الله المالك الباقي.. وحسبي من لذة البقاء، علمي بانه معبودي الباقي.. وحسبي من غاية البقاء، معرفتي بانه ربي الباقي.. وحسبي من البقاء وكماله، ايماني بانه موجدي الباقي.. حسبي من الوجود، كوني اثر واجب الوجود.. حسبي من قيمة الوجود، اني صنعة من فطر السموات والارض.. حسبي من غاية الوجود، علمي باني صبغة من زيّن السماء بمصابيح، والارض بازاهير.. حسبي من لذة الوجود، علمي باني مصنوعه ومخلوقُه وهو ربي وموجدي.. حسبي من الحياة، مظهريتي لتجليات اسماء خالق الموت والحياة.. حسبي من الحياة وحقوقها وغاياتها، اظهاري على رؤس الاشهاد، وتشهيري بين ذوي الادراك من اخواني الكائنات، واعلاني في سوق العالم بسر جامعية وجودي لغرائب آثار تجليات اسماء خالق السموات والارض.. حسبي من
--------------------
(1) عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله y قال: (لتؤدُّن الحقوق الى اهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء": رواه مسلم برقم 2582 والترمذي 2535 (تحفة الاحوذي) وقال: في الباب عن ابي ذر وعبدالله بن انيس . (ومعنى الجلحاء: اي التي لا قرن لها).