ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | شعلة | 419
(393-427)

ومسافات طويلة عن مقام الاسلام والايمان والقرآن. فاعظم فلاسفتهم لا يساوي عاميًا يفهم بالاجمال مآل القرآن فقط.
هكذا شاهدتُ وهو الواقع. فلا تقل: من كشف خواص البرق والبخار، كيف لا يفهم اسرار الحق، وانوار القرآن ؟ نعم، ليس له، اذ عقلُه في عينه(1)، والعينُ لا ترى ما يراه القلب والروح. لا سيما مع البعد، ولاسيما عند موت القلب بانقلاب الغفلة الى الطبيعة. ﴿طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمِ وسَمْعِهِمْ وابصْارهِمْ﴾(النحل:108).
اعلم ! ان من اعظم كفران النعم، ومن اشد تكذيب الالآء، عدم الشكر على ما عَمَّه وغيره ؛ كالسمع والبصر. أو دام واستمر، كالنور والنار. او احاط وطم كالهواء و الماء؛ بل انما يشكر الله على مايخصه من دون الناس، او يتجدد عليه، او يندر لندر الحاجة. مع ان الاعمَ الدائم الادوم، هو النعمة الاعظم الاتم. العموم يدل على كمال اهميتها، والدوام على غلو قيمتها..
اعلم ! ان من آياتِ أنه تعالى ﴿واحصْى كُلَّ شَئٍ عَدداً﴾(الجن:28) التساوي، والتوازن، والانتظام بين اعداد المتجاورات، والمتقابلات، والمتشابهات كالاصابع في الايادي، والحبات في السنابل، والنواة في الثمرات، والاوراق في الازهار.. فسبحان من احصى كل شئ عدداً واحاط بكل شئٍ علما.
اعلم ! ان التلقيح والتولد مع التربية الشفيقة ؛ وظيفتان عامتان نافذتان ساريتان الى اصغر الاشياء. لهما مكافاة عاجلة هي اللذة المودعة فيهما. فعموم جود المحسن الكريم، مع شدة شوق كل الاشياء (المزدوجة) في ايفاء هاتين الوظيفتين بالمشاهدة؛ يدلان على ان النباتات، والاشجار، والمعادن، بل الجامدات ايضا لها حصة من هذه النعمة واللذة بوجه يليق بها. فمراعاة المكافاة، والرحمة، والعدل بهذه

--------------

(1) اي لا يفهم ولا يصّدق الاّ ما يرى.

لايوجد صوت