كما يشهد لمساواة المعاملة في كلّ كيلٍ جريانُ المعاملة بالفعل في الجملة في غالب وجه التراب بظهور اشتات أفراد كثيرٍ من الأنواع في ما صادفته من صفحات التراب في سيرك في الأرض.
ثم توجّه الى الهواء والماء والضياء فَزِن وكِلْ بقسطاس قصعتك تخرج لك النتيجة سواءً بسواء.
هذا بالنظر الى جميع أفراد جميع الأنواع، والحال ان كل فرد واحد من كلّ زهرة وثمرة وحيوان وحُوَيْنَةٍ كقطرة محلوبة معصورة من كل الكون ومأخوذة من أجزاء العالم بموازين دقيقة حسّاسة وبنظامات رقيقة جسّاسة لايقتدر على خلقها هكذا الاّ مَن في قبضته تصرف كل الكون، فيعصر تلك القطرة من تلك الكائنات بموازين ومقادير قَدَره ان شاء النشوّ(1)، او يُبدع مثالاً مصغراً يكتب في نسخته مآل ما في الكائنات، إن أراد الإبداع وايجاد الأيس من الليس(2)، كما هو الحق أو الأكثر المطلق.
واما لزوم ذي الكفر والكفران آلهةً بعدد ذرّات العالم فقد مرّ في (حَباب) و(قطرة) وغيرهما.. [4] وامّا بعدد تجليّات الله، فقد مرّ في ذيل (شعلة) زبدته؛ كما أن تماثيل الشمس المتجلية على الشفافات والقطرات اِذا لم تسند الى الشمس الواحدة بالتجلّي السهل، لزِم قبول شموس بالاصالة في كلّ شفاف وقطرة وذرة متشمسة.
فان تفهمتَ ما تلوتُ على نفسي تفطنتَ للمعةٍ من انوار أعجاز بيان القرآن من جهةِ المعنى، إذ هذه المسألة رشحة من رشحات بحر اعجازه الزاخر المعنوي.
اعلم!(1) ان الايمان إكسير يقلِبُ فحمَ المادة الفانية ألماساً مصنّعاً مرصّعاً باقياً بمعناه بنسبته الى الصّانع الباقي.. والانسان بالكفر
--------------------
(1) النشوء: النماء.
(2) الأيس: الوجود. والليس: العدم الصرف.
(1) الكلمة الثالثة والعشرون توضح هذا المبحث.