يعكس فينتكس، اذ كما انه يوجد في مصنوعات البشر ما تكون قيمةُ مادته خمسة دراهم، وقيمةُ صنعته الوف الدنانير، وتتزايد القيمة بكون صانعه شخصاً مشهوراً خارقاً عتيقاً.
كذلك في مصنوعات الصانع القديم ﴿الّذي خَلقَ السّموات والأرض في ستّة أيّام﴾(الاعراف:54) وزيّن السماء بمصابيح، والأرض بأزاهير. بل من أغرب مصنوعاته (الانسانُ) الذي مادتُه (صلصال كالفخار) ينكسر ويتمزّق بسرعة، ماقيمته الاّ شئ قليل.. واما ما فيه من الصنعة فأمرٌ عظيمٌ تزيد قيمتُها على قيمة المادة بدرجات لاتعد ولاتحصى.. اذ الانسان بنقش الصنعة قصيدةٌ منظومةٌ من لطائف آثار جلوات الأسماء الحسنى.. ومرآة مجلوةٌ لتجليات اشعّات شؤون شمس الأزل والأبد.
فالايمان نسبةٌ يُنسِبُ الانسانَ الى مالكه، وجهةُ النسبة انما تنظر الى الصّنعة، فيكون مدار النظر حينئذٍ الى المصنوعية والصنعة. فبالايمان تزيد قيمةُ الانسان الى ان تصير الجنة ثمنَه، وتكون الخلافة رتبتَه، ويطيق على حمل الأمانة.. واما الكفر فهو قاطع النسبةِ، وقاطع الوصلة.. فاذا انقطعت النسبة استتر الصنعُ، وانتكست الصنعةُ واختفى التجلي، وظهرت المادةُ، وانقلبت المرآة وسقطت القيمة الى دركة يتمنّى الكافرُ العدمَ، أو ينقلب تراباً.
الحاصل: ان الانسان كماكينة مشتملة على ملايين آلاتِ الوزنِ وميزاناتِ الفهم، توزن بها مدخرات خزينة الرحمة.. وجواهر ثروة الكنز الخفي. حتى اُودعَ في اللسان فقط جهازاتٍ للوزن بعدد المطعومات، ليحسّ ذوو اللّسان بانواع دقائق نِعَم الحق.
فاذا استعمل تلك الماكينة امينُ يمين يُمن الايمان أثمرت ثمرات واورثت آثاراً عند مَن لايضلّ ولاينسى.
واما اذا ما وقعت في يد الكفر صارت كمثل ماكينة غالية القيمة بلا مثيل، اخذها وحشيّ لايعرف ما هي، فاستعملها في خدمة النّار - كآلة عادية - حتى أحرقها.