ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نــور | 461
(451-507)

اعلم! ايها الحيوان! لا تفتخر هكذا على النبات؛ اذ تفنّن الصنعة في اختك اتمُّ منها فيك. ألا ترى ان أجناس الحيوانات متقاربة أو متماثلة في لحومهم مع ان لحومَ أجناسِ الثمراتِ حتى أنواعها بل حتى أصنافها متفاوتة متخالفة؟ فهذا امارةٌ على ان قلمَ القُدرةَ تأنّقَ فيها. وكذا اِنَّ بركةَ النسلِ في الحيوانِ والبشرِ اذا كانت سبعاً ففي النباتِ والشجر سبعون، وسبع مائة، وسبعة آلاف. الاّ السمك فانه لأجل ضعف الحسيات الحيوانية فيه ملحَقٌ بالنباتات. تشير هذه الحالة الى انه للإطعام كالحَبّ.. فهذا علامةُ الخيرية والأهمية فيه.
وكذا ان اختك النبات والشجرَ مخدومةٌ متوكلةٌ، يجئ اليها رزقُها ورزق أولادِها الكثيرة. حتى كأنَّ جرثومةَ كلِّ شجرٍ متصلةٌ بخزينة الرحمة، لها منها منفذٌ اليها. فتقسمُ الرحمةُ عليها ما يوافقُ حاجاتِها المتخالفةَ فتعطي الوالدتين لبناً خالصاً - ولبنات الرّمان شراباً طهوراً - ولابناء الزيتون دهناً مباركاً.. وللجوز زيتاً منوّراً.. وهكذا فهذا آية (الحرمة)(1).
فيا أيها الحيوان المتكبر ان سبب ترجيح مرجوحِك بمراتِبٍ عليك بثلاث مراتبَ هو أنانيتُك ومرضُك واختيارُك فأسْلِمْ تسْلَمْ.
﴿وخُلِقَ الانسانُ ضعيفاً﴾(النساء:28)
اعلم!(2) أيها الأنسان! لا تتكبر على الحيوان، ان سببَ رفعتِك على سائر الحيوانات انما هو ضعفُك وعجزك، كما انَّ الصبيَّ يحكم على والديه واخوانه بقدرة عجزه وقوة ضعفه.. هل ترى في الحيوانات أعجزَ منك في تحصيل لوازمات الحياة، بل ما يحصل لك بالتجارب والتدرّس في عشرين سنةً - مما يلزم لحفظ حياتك - يحصل للحيوان في عشرين يوماً، وبعضاً في عشرين ساعة، وبعضاً في

-----------------------

(1) اي الاحترام والتقدير.
(2) الكلمة الثالثة والعشرون توضح هذا المبحث بتفصيل.

لايوجد صوت