عشرين دقيقة، بل فردُه برأسه يساوي في حفظ الحياة الحيوانية جماعةً متعاونةً منكم. كما ان فرداً منكم يساوي أنواعاً منهم، من جهة كمال الانسانية المنحصرة في الاسلامية والعبودية.
ياهذا ويا أنا! إما تصير أدنى من أدنى الحيوانات وأذلَّ واعجَزَ. واِما تصير أعزَّ وأكملَ من أنواعها. فاختَر ما شئت.. فاذ هذا هكذا فاعرف عجزَك وضعفك. واعلم بان قدرتَك وقوتَك في الدعاء والبكاء لدى مالكك.
وأما ما تفتخر به من المصنوعات الانسانية فمن أثرِ إلهامه، وخَلْقه، وإكرامه، ليجمع بك أشتاتَ الأنواع المتخالفة، لاظهار حُسن غريب، وايجاد كتابةٍ عجيبةٍ، وتشهير مصنوعاته المختلفة مجتمعةً، واذاقة مراتب نِعَمه الحاصلة من تمزيج بسائط النعم بهندسة هَوَسات الانسان.
اعلم!(1) يامَن يتوسوس من اختلافات الروايات في أمثال مسألة المهدي، وقرب الساعة والملاحم الاستقبالية! أتريد ايماناً ضرورياً في كل مسألة؟ حتى في المسائل الفرعية التي ليست من ضروريات الاعتقاد؟! بل يكفي فيها القبول التسليمي، وعدم الرد، لا الإذعان اليقيني القصدي حتى تحتاج الى طلب البرهان القطعي.
ألا تعلم ان متشابهات القرآن كما تحتاج الى التأويل كذلك مشكلات الأخبار تحتاج الى التعبير والتفسير؟ فاذا صادفك روايةٌ مخالفةٌ للواقع - في نظرك الظاهري - فمع احتمال: ان تكون من الاسرائيليات.. وان تكون من أقوال الرّواة.. وان تكون من مستنبطات الناقلين.. وان تكون من كشفيات الأولياء المُحدَّثين المحتاجة للتعبير.. وان تكون من المسموعات المتعارفة بين الناس، يذكرها النبي عليه الصلاة والسلام لا للتبليغ السماوي بل للمصاحبة العُرفية للتنبيه.. يلزم الناظر ان لايَقْصر النظر على الظاهر.. بل يؤّل بتأويل تمثيلي كنائي
-----------------
(1) راجع ان شئت توضيحاً لهذا المبحث الكلمة الرابعة والعشرين -الغصن الثالث.