ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نــور | 465
(451-507)

فان شئت الشهودَ فافتح كنز آية ﴿فَانْظُر الى آثار رَحمتِ الله كيفَ يُحيي الأرضَ بَعد مَوتها اِنّ ذَلك لمَحيي الموتى﴾(الروم:50) لترى بعينك ما لايعد من المسائل العظيمة نظائرَ ما استبعدتَ!
مثلاً: تشاهد في الحشر الربيعي إحياءَ آلافِ عوالمَ من انواع النباتات والحيوانات التي ماتت في القيامة الخريفية. وايجاد كلٍّ منها بنظامات مخصوصة، وموازين معينة في أيام معدودة. مع ان لكلِّ واحدٍ من أكثر تلك العوالم وسعةً، بحيث يُزيّن أكثر وجه الأرض كبرقعٍ منمنم.. وهكذا مما لايحد ولا يحصى من الشّواهد المشهودة الصادقة.
فمما لا يحد من تلك العوالم انظر الى عالم الشجر.. ومما لا يعد من أنواعها الى نوع شجر التفاح.. ومما لا يحصى من أفرادها الى هذه الشجرة! لترى ثلاث حشرٍ ونشرٍ متعاقبة متداخلة.. بنشر أوراقها المهتزة المنتظمة.. وحشر أزهارها المزينة المنظومة.. واحياء اثمارها اللذيذة الموزونة.. فمن يفعلْ هذه الأفاعيل في سطح الأرض ويكتب بتقليب صحيفة الشتاء الوف صحائف كصفحة الأرض في الوسعة، هو الذي يخبر عن نفسه بانّه ﴿خَلَق السموات والارضَ في ستة أيام﴾ الى آخر ما مرّ.
اعلم!(1) ان لكل أحدٍ علاقات بالمحبة والشفقة مع أقاربه، ثم مع أفراد عشيرته، ثم مع أفراد ملّته، ثم مع أفراد نوعه، ثم مع أبناء جنسه، ثم مع أجزاء الكائنات. بحيث يمكن ان يتألم بمصائبهم ويتلذذ بسعاداتهم واِن لم يشعر. لا سيما مع من أحبّه لكماله من جماهير الأنبياء والأولياء والأتقياء. وكم من أحدٍ لا سيما اذا كانت (أُمّاً) تفدي نفسَها وتزيل راحتها لعلاقةٍ واحدة، ولمحبوب واحدٍ مما لايحد من

-------------------

(1) المسألة الثامنة من رسالة الثمرة فيها بيان قيّم لهذا المبحث.

لايوجد صوت