ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نــور | 466
(451-507)

أودّائها.. فالغافل الحاكمُ على نفسه وعلى أودّائه حالة الغفلةِ باليُتم وعدم التعهد مُبتلىً بحمل آلامٍ لا تعد منهم، مع آلام نفسه واِن لم تشعر نفسُه السكرانة بعذابِ قلبه وروحه!. فلو ظفر هذا الغافل بجنةٍ - مثلاً - صار مِثل: الـذُبيبةُ المتلمعة في الليل لها لمعةُ نورٍ لكن استولت الظلماتُ الموحشة على جميع مناظرها ومحبوباتها ومأنوساتها، مع ان نورها الذاتي قد يضرّها باراءتها لرقيبها. واما اذا طرد الغفلة وردّ المُلك الى مالكه الحقيقي ينفتح لقلبه منفذٌ الى اشعّات شمسٍ سرمد، خطُّ استوائها الأزل والأبد، ورأى ان كل هذه المحبات المنتشرة على هذه المحبوبات الكثيرة كانت لهذا الواحد الذي يكفي عن الكل ويُنسيك الكل، ولا يكفي عنه الكل، بل ولا عن تجلٍّ من تجليات حبّه. فلو دخل هذا المؤمن الموقن جهنّماً - مثلاً - أمكن له باذن الله الظفر بجنّة روحانية بالتلذذ بالعلم بأن كل أودّائه مصونون من الفراق الأبدي، ومنعمون بالسعادة السرمدية.
فيا أيها السعيد الغافل؛ اترك نفسَك ووهمَ مالكيتك تظفر بسلامة جميع محبوباتك وسعاداتهم بتسليمهم لمالكهم الكريم الرحيم.
اعلم!(2) ان كل شئ بخلقه سبحانه، اِلا أن الشرور والقبائح والقصور والمساوي انّما تترتّب على لوازمات ماهيات الممكنات وقابلياتها، فيُجيب الخالقُ الجواد المطلق بالايجاد، كلَّ ما تسألُه الممكناتُ بألسنة استعداداتها.. فالحُسن راجعٌ اليه بالوجهين: أي بالخلق والاقتضاء. واما القبحُ والقصور، فبالخلق راجعٌ اليه، دون المقاضاة والسؤال. فله الحمدُ دائماً؛ اذ السؤال في الحسن والخير كالجواب منه ومن اسمائه. وله التسبيح دائماً؛ اذ سؤال الشر والقبح من الممكنات، والجواب المتضمن لمحاسن كثيرة مترتبةٌ على وجود

----------------

(2) رسالة القدر (الكلمة السادسة والعشرون) فيها شرح وافٍ.

لايوجد صوت