القبح منه سبحانه. ﴿ما أصابكَ من حَسَنة فمنَ الله وما أصابكَ من سَيئة فمن نفسك﴾(النساء:79).
اعلم! ان انواع المصنوعات في العالم لاسيّما انواع النباتات والحيوانات في سطح الارض كاللفائف المبسوطة المفروشة على وجه الأرض بعضٌ على بعضٍ، وكالأقمصة المنمنمة المتراكبة المتداخلة، لبستْها الأرضُ او العالمُ. لكن بعضَها أرقّ، وبعضها أقصر، وبعضها منفصل الانساج، وبعضها يتمزّق خريفاً ويتجدّد ربيعاً، وفيها كلها نسجٌ موزون بانسجام منظوم. فتعانقُ الأنواع وتعاونها بشوقٍ، وترافق الأفراد وتجاورها بحسنِ معاشرةٍ تشهد:
بان الكلَّ نسجُ نسّاج واحدٍ وخُدّام سيّد واحد. ونسجُ كل واحدٍ منها بنسجٍ مخصوصٍ بلا مزجٍ، وبأسداءٍ ممتازٍ بلا درجٍ، واِلحامٍ معيّن بلا التحام، في تلافيف تلك اللّفائف المشتبكة المختلطة بلا تشوش ولاخلطٍ ولاغلطٍ يشهد كعين اليقين: بأنها صنعةُ مَن لا نهاية لقدرته وحكمته.
وان ما يشاهَد من ترتّب أمثال التزيين القصدي على جميع المتخالفات يشهد:
بأن مَن زيّن قصرَ العالم بمزيّنات ألوان الأنواع هو الذي خلق لوازماته واساساته وأجزاءه. لعمرك ان التزيين في الصنعة من أهمّ المقاصد المهمّة المعرِّفة للصانع، ومن أشفِّ مرايا التودد والتعرُّف، ومن ألطف عنوانات التحبّب.
فان شئت فانظر مما لا يتناهى من الأمثلة الى هذه الواحدة وهي: الزّهرةُ الصّفراءُ الشمسية المتبرقعةُ ليلاً والمتبرّجة نهاراً، الشابةُ من أول الربيع الى آخر الخريف. صيّرها صانعُها مسكناً لطيفاً نظيفاً لبعض الحوينات اللطيفة تجول مسبّحاتٍ - جماعةٌ منها في واحدةٍ منها - كأنّها حديقةٌ لها أو قصر أو قرية.