والترخيص. الى ان يُرسل امثالهم فينسجون على منوالهم فيسبّحون مولاهم.. يبتدؤن في أعمالهم من حيث انتهت أعمال أسلافهم..
فيا أيّها الغافل المتفرعن الزاعم انّك مالكٌ نفسك وحياتك والمتوهم ان سعادتك في بقاء حياتك بالراحة! أخطأتَ وخَلَطتَ وغلطتَ وعصيتَ وَقِسْتَ الحيوان الممنون المأمور والمتمِثل المسرور على نفسك الناسية لمالكها، فتراءت لكَ وَلْوَلَةُ جلوات الرحمة العامة في الشؤون (واويلاه) نعيات المأتم العمومي، فلا تتألم لهم حتى يكون (التألم) شفقة ممدوحة، بل (تألم) لنفسك المفروضة في موقعهم، الفانية بطريق القياس فيهم.
واما تسليط(1) بعض الحيوانات على بعضٍ فلحمل الضّعفاء على الحزم والتيقظ والجوالية والخفّة واستعمال جهازاتها اللطيفة واخراج استعداداتها من القوة الى الفعل وغير ذلك.
فوازن بين الأهلية والوحشية كَيْ ترى هذه الحكمة ظاهرةً باهرةً.
اعلم!(2) ان سرّ تخالف أحكام الأولياء في مشهوداتهم مع الاتفاق في الأصول.. وان سرّ اجمال الأنبياء السالفين وأبهام الأولياء العارفين في غير التوحيد من سائر أركان الايمان؛ اذ قد أجمل قسمٌ من اولئك في الجملة في تفاصيل الحشر وغيره وأبهم بعضٌ من هؤلاء في ما سوى معرفة الله، مع ان القرآن والمنزَل عليه القرآن فصّلا كلاًّ من المقاصد الايمانية بما لا مزيد عليه تفصيلاً قصدياً واضحاً، وان حكمتها.. هو: توسّط البرازخ.. وتفاوت القابليّات.. وتنوّع ألوان جلوات الاسماء في المظاهر الكلية والجزئية والظلية والأصلية.
----------------------
(1) النقطة الثانية من الكلمة الثامنة عشرة تشرح الحكمة في هذا.
(2) راجع ان شئت بالتفصيل الكلمة الرابعة والعشرين - الغصن الثاني.