يارفيقي فلنفرض انفسنا إياها. فَصِرْ أنت ياذا النفس الكثيفة الترابية (زهرة) تضمن لونُها ضياءً محلّلاَ متضمناً للتمثال الممتزج للشمس. وليكن هذا الفيلسوف المنغمس في الاسباب (قطرة) تأخذ من القمر ظل ضوء الشمس. أنا قائلاً: (لا مؤثر في الكون الا الله)، شَبْنمة(1) فقيرة خالية من كل لَون، صيرتْ مثالَ عين الشمس انسان عينيها.
ثم ان جاذبة محبة مَن باحسانه تَنوَرنا وتَزيّنا، حَرّكَتْنا لطلبِ قُربه وقصدِ شُهوده. فسلكت (أيتها الزهرة) الى ان وصلت الى المرتبة الكلية لجنس الزهرة - المرآة الكثيفة التي تحلل فيها ألوان ضياء تمثال الشمس - فلا تخلص من التفرق والتشتت بين خصوصيات ألوان المقيدات، ولا تسلم من الفراق بتستر عين الشمس بحجب البرازخ والصور. الاّ ان ترفع رأسَك من الولوغ في محبة ذاتك، وتُصعِد نظَرك من الافتتان والتلذذ والتفاخر بمحاسن نفسك الى عين الشمس في وجه السماء. وتوّجه بباطن وجهك المتوجّه الى التراب بجلب الرزق المرسَل المسرِع اليك - واِن لم تتوجه اليه ولم تعلم به - الى هذه الشمس.. اذ أنت مرآتها كما انها قطرةٌ متلمعة من بحر السماء صارت مرآة للَمعةٍ من انور قدرة (النور الحق) سبحانه.. ومع ذلك لاتراها كما هي في نفسها بل متلونة بلون صفاتك ومرصادك ومقيدة بقيود قابلياتك.
وذهبت ايها (القطرة) الى ان ترقيت الى القمر بسلّم فلسفتك فرأيت القمَر كثيفاً مظلماً لا ضياء في جرمه، بل ولا حياة. فصار سعيُك وعملُك هباءً منثوراً. فلا تخلص من ظلمات اليأس ووحشة اليتم ودهشة الاضطراب بين ازعاجات الغيلان المتشاكسين الاّ بترك ليل الطبيعة والتوجه الى شمس الحقيقة واليقين بان الأنوار الليلية ظلالٌ للاضواء الشمسية ومع ذلك لا يصفو لك شهود الشمس
----------------
(1) ندى.