ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نــور | 464
(451-507)

ألا ترى ان الشخص الأوروبائي ينكر محمّداً عليه الصلاة والسلام ولكن يتسلى (بالخرستيانية)(2) المموّهة وبمدنيتهم المخصوصة الممزوجة بعاداتهم الملّية، فيمكن ان يبقى في روحه بعضُ الاخلاق الحسنة الدنيوية، وبعض الهمم العالية لأجل هذه الحياة الدنيوية. فلا يرى بسبب هذا التسلي ظلمات روحه ولايُتمَ قلبه.
واما أنت ايّها المرتد! ان انكرت محمداً عليه الصلاة والسلام وآثاره لايمكن لك قبول واحدٍ من الأنبياء. بل ولاقبول ربّك، بل ولاقبول شئ من الكمالات الحقيقية. فانظرْ الى دهشة التخريبات في روحك، وابصرْ شدة الظلمات في وجدانك، ووحشة اليتم واليأس في قلبك، وعن قريب يترشح قبحُ باطنِك الى ظاهرك فيصير حُسنُكم وجميلتكم المرتدّة أقبحَ من أقبح كافر. فالمرتدُ محرومٌ من الحياتين دون الكافر، اذ الكافرُ لهُ حقُ حياةٍ اِن لم يُحاربْ.
اعلم!(1) يامن يضيق صدرُه ولا يسع فكرُه عظمةَ بعضِ المسائل من الحقائق القرآنية كأمثال: ﴿خَلقَ السموات والأرضَ في ستة أيام﴾(يونس:3) و ﴿وما أمرُ السّاعة اِلاّ كَلَمْح البَصَر﴾ (النجل:77) و ﴿ما خَلْقكُم ولا بَعثكم اِلاّ كَنفسٍ واحدةٍ﴾(لقمان:28) و ﴿ثم نُفخ فيه اُخرى فاذا هم قيامٌ ينظرون﴾(الزمر:68) و ﴿يومَ نطوي السّماءَ كطيّ السجل للكُتُب﴾(الانبياء:104) وامثالها..
ان كتابَ الكونِ المشهود بآياته الشؤونية تفسّر تلك الآيات القرآنية، وتقرِّبُها الى فهمك بإراءة كثيرٍ من نظائرها المشهودة لعينك، في تلافيف اختلاف الليل والنهار، وفي معاطفِ تحولِ الفصول والاعصار.

-----------------

(2) كلمة يونانية يقصد بها: النصرانية.
(1) ان شئت التفصيل راجع الكلمة الرابعة عشرة.

لايوجد صوت