أو نسيانه على الاطلاق.. ورفع العجز أو الغرور المطلق.. ودفع الفقر. أو الجنة المطلقة ودوام الخلود أو تسكين جرخ الفلك.
نبّهني الله واياكم عن نوم الغفلة الذي تظنون فيه اليقظة الكاذبة - التي هي انغماسٌ في غمرات النوم - انتباهاً، وأفاقني الله واياكم من الجنون المطلق الذي تتوهمونه عقلاً منوراً.
اعلم! وانظر كيف أدرج الصانعُ القدير ملايين عوالمٍ من أنواع الحيوانات والنباتات في سطح الأرض، كل عالمٍ كبحرٍ صارت قطرات للتوظيف، كتوظيف النمل لتنظيف وجه الأرض من جنائز الحُوَينات. وقد أطبقت تلك القطرات على وجه الأرض.. أو ككلِّ ذي اُجزاء صار ككليّ ذي جزئيات.
كما ان الماء والهواء والضياء والتراب لاسيما الثلج كقطرات صارت بحراً لتماثل الوظيفة، ووحدة الأمر، وتلقي الأمر الوحداني. فاجزاء الأربعة ككلياتِ تلك، مشعورةٌ معلومة موظفةٌ. فتداخلت تلك العوالم الغير المحصورة واختلط الكلّ بالكلّ واشتبك، مع ان الصانع الحكيم ميّز كلَّ واحدٍ عن كلِّ واحدٍ بتشخصّاته المخصوصة ولوازماته المشخّصة، فاظهر نهاية الامتياز في غاية الاختلاط، بحيث يَضعُ عالمَ النمل أو الذباب - مثلاً - فيما بين أجزاء عوالم ذوي الحياة بايجادٍ يخصّه ثم يرفعه بإماتة تخصّه، كأن سطح الأرض وطنُه فقط، فلا تتشوش حياةُ الخاصة ولامماتُها المعين. فنسبةُ عالمٍ الى سائر العوالم المجاورة له، كنسبة حُسن انتظام تربيةِ فردٍ - مغمور في الأفراد - الى تدبير النوع. لايُشغل الصانع هذا عن ذاك، ولا ذاكَ عن هذا.
فيا مَن غشي بصَره بالطبيعة! وختم قلبَه بالطبع! ان تصورتَ الطبيعة الموهومة - التي لو تحققت لكانت كالمطبعة - طابعةً صانعةَ لَزمك ان ترى للطبيعة في كلّ جزءٍ من التراب مطبعات مكمّلات تزيد على جميع مطابع المدنيين.