ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نــور | 477
(451-507)

يامَن له عقل! فبالله عليك لأيّ هذين الكتابين يقال انّه كتاب حكمة هذا القرآن؟ فاذ فهمتَ التمثيلَ فأنظرْ الى وجه الحقيقة: أما القرآن فهو هذا العالمُ واما الشخصان فكُتب الفلسفة والحكماء، والقرآن وتلامذته.
﴿ومَن يتوكّل على الله فهو حَسْبُه﴾(الطلاق:3)
اعلم!(1) يا أيها السعيدُ! انّ السعادةَ في التوكل، فتوكّلْ على الله لتستريحَ في الدنيا وتستفيد في الأخرى.
مَثَلُ المتوكل وغيرُ المتوكل الذي يرجع الى التوكل، كَمَثَلَ رجلين حاملين على ظهورهما ورؤسهما أحمالاً ثقيلةً، فدخلا سفينةً، فأما أحدُهما فوضع حِملَه في السفينة وقَعَدَ على متاعِه مستريحاً.
واما الآخر فَلِبلاهَتِهِ في غروره لم يضع حمله، فقيل له:
اطرحْ حِملك الثقيلَ على السفينة!
فقال: انا قويّ. فقيل له: ان السفينةَ التي حملتْكَ أقوى واحفظُ. مع ان ظهرَك ورأسَك - المتزايدَ ضعفهما - لا يُطيقانِ حملَ هذهِ الأحمالِ المتزايدِ ثقلها. فقيل له: بل سلامتُك أيضاً مربوطةٌ بوضعِ حملك. اِذا رآك صاحبُ السفينة في هذه الوضعيةِ فإما يقولَ: هو مجنونٌ فليُطردْ أو خائن يتّهمُ سفينتنا ويستهزئُ بنا، فليحبس. بل لا تخلص من السخرية واستهزاء الخلق، اذ لمّا لم تكفِ قوتُك لدوامِ الحمل اضطررتَ الى التصنّع المشير الى الرياء، والى التكبر المشير الى الضعف، والى الغرور المشير الى العجز، فتصيرُ اضحوكةً يضحكُ من حالك الناسُ. فتفطَنَ الى خطئه. فرجع من عناده فوضع حمْلَهُ فقعد عليه. فتنفّس فاستراح فقال: جزاك الله خيراً ارشدتني الى ما فيه راحتي وسلامتي وحيثيتي.
[50] النكتة الخامسة

----------------------

(1) الكلمة الثالثة والعشرون فيها توضيح وافٍ.

لايوجد صوت