وحمداً لله فإنني بسبب تجردي عن التيارات السياسية لم أبخس قيمة حقائق
القرآن التي هي اثمن من الألماس ولم اجعلها بتفاهة قطع زجاجية بتهمة الدعاية السياسية. بل تُزيد قيمة تلك الجواهر القرآنية على مرّ الأيام وتتألق اكثر أمام أنظار كل طائفة.(1)
سؤال: لِمَ يتجنب سعيد الجديد تجنباً شديداً وإلى هذا الحد من السياسة؟
الجواب: لئلا يضحى بسعيه وفوزه لأكثر من مليارات من السنين لحياة خالدة، من جراء تدخل فضولي لا يستغرق سنة أو سنتين من حياة دنيوية مشكوك فيها. ثم انه يفر فراراً شديداً من السياسة، خدمةً للقرآن والإيمان والتي هي اجلّ خدمة وألزمها وأخلصها وأحقّها. لأنه يقول:
إنني أتقدم في الشيب، ولا علم لي كم سأعيش بعد هذا العمر. لذا فالأولى لي العمل لحياة أبدية. وهذا هو الألزم. وحيث أن الإيمان وسيلة الفوز بالحياة الأبدية ومفتاح السعادة الخالدة، فينبغي اذاً السعي لأجله. بيد أني عالم ديني، مكلف شرعاً بإفادة الناس، لذا أريد أن اخدمهم من هذه الناحية ايضاً. الاّ أن هذه الخدمة تعود بالنفع إلى الحياة الاجتماعية والدنيوية، وهذه ما لا اقدر عليها، فضلاً عن انه يتعذر القيام بعمل سليم صحيح في زمن عاصف، لذا تخليت عن هذه الجهة وفضّلت عليها العمل في خدمة الإيمان التي هي أهم خدمة والزمها وأسلمها. وقد تركت الباب مفتوحاً ليصل إلى الآخرين ما كسبته لنفسي من حقائق الإيمان وما جربته في نفسي من أدوية معنوية. لعلّ الله يقبل هذه الخدمة ويجعلها كفّارة لذنوب سابقة.
وليس لأحد سوى الشيطان الرجيم ان يعترض على هذه الخدمة، سواءً كان مؤمناً أو كافراً او صدّيقاً او زنديقاً. لأن عدم الإيمان لا يشبهه أمر، فلربما توجد لذة شيطانية منحوسة في ارتكاب الظلم والفسق والكبائر الاّ ان عدم الإيمان لا لذة فيه اطلاقاً، بل هو ألم في ألم، وعذاب في عذاب، وظلمات بعضها فوق بعض.
------------------------
(1) المكتوبات/ 59