السيرة الذاتية | الفصل الرابع | 235
(216-252)

فالإنسان الأصغرُ في هذه الكائنات هو المدار الأظهرُ للنشر والمحشر في هذه الموجودات، والتخريبِ والتبديلِ والتحويلِ والتجديد لهذه الكائنات.
ومبدأ هذه الفقرة العربية هو:
فسبحان مَن جعل حديقةَ أرضِه مَشْهَر صَنعتِه، مَحْشَرَ فِطرتَه، مَظْهَر قُدرته، مَدار حِكمته، مَزْهَر رحمته، مَزْرَع جنته، ممرَّ المخلوقات، مَسيلَ الموجودات، مَكيلَ المصنوعات.
فمُزَيَّنُ الحيواناتِ، مُنَقّشُ الطيورات، مثمَّرُ الشجرات، مزهَّرُ النباتات؛ معجزاتُ عِلمه، خوارقُ صُنعه، هدايا جُودِه، براهينُ لطفه.
تبسُّمُ الازهارِ من زينةِ الأثمار، تسجُّعُ الأطيار في نَسمةِ الأسحار، تهزُّجُ الأمطارِ على خدودِ الأزهار، ترحُّمُ الوالدات على الأطفال الصغارِ.. تعرُّفُ ودودٍ، تودّد رحمن، ترحُّم حنّان، تحنن منّان، للجن والإنسان، والروح والحيوان والملك والجان.(1)
ظهور رسائل النور
الحظوة باسم الله (الرحيم) و (الحكيم)
أنا الآن في موضع، على ذروة شجرة صنوبر ضخمة عظيمة، منتصبة على قمة شاهقة من قمم جبل (چام). لقد استوحشتُ من الإنس واستأنست بالوحوش.. وحينما ارغب في المحاورة والمجالسة مع الناس اتصوركم بقربي خيالاً، أجاذبكم الحديث وأجد السلوان بكم. وأنا على رغبة في أن أظل هنا وحيداً مدة شهر او شهرين، ان لم يحدث ما يمنع، وإن رجعت إلى (بارلا) نتحرى معاً حسب رغبتكم عن وسيلة لمجالسة ومحاورة بيننا. فقد اشتقتُ إليها اكثر منكم.
والآن اكتب إليكم ما ورد بالبال من خواطر على شجرة الصنوبر هذه:
أولاها: خاطرة فيها شئ من الخصوصية، فهي من أسراري، ولكن لا يُكتم عنكم السر، وهو: ان قسماً من أهل الحقيقة يحظون باسم الله (الودود) من الأسماء الحسنى، وينظرون إلى واجب الوجود من خلال نوافذ الموجودات بتجليات المرتبة العظمى لذلك الاسم. كذلك أخوكم هذا الذي لا يعدّ شيئاً يذكر، وهو لا شئ، قد وُهب له وضع يجعله يحظى باسم الله (الرحيم) واسم الله (الحكيم) من الأسماء الحسنى، وذلك أثناء ما يكون مستخدماً لخدمة القرآن فحسب، وحين يكون منادياً على تلك الخزينة العظمى التي لا تنتهي عجائبها.
------------------------

(1) الكلمات/732

لايوجد صوت