السيرة الذاتية | الفصل الرابع | 242
(216-252)

بجعل أبعد الحقائق عن الفهم كأنها في متناول اليد وتدريسها إلى أكثر الناس بساطة وأمية، لا يكون في وسع شخص مثلي له باع قصير في اللغة التركية، وكلامه مغلق ولا يفهم كثير منه، حتى يجعل الحقائق الظاهرية معضلة، واشتهر بهذا منذ السابق وصدّقت آثاره القديمة شهرته السيئة تلك.. فمثل هذا الشخص يجري في يده هذا التيسير والبيان الواضح لاشك انه أثر من آثار العناية الإلهية، ولا يمكن ان يكون من حذاقة ذلك الشخص، بل هو جلوة من جلوات الإعجاز المعنوي للقرآن الكريم، وصورة منعكسة للتمثيلات القرآنية.(1)
ان أصحابي القريبين يعلمون هذا. ولاسيما صاحبي الدائم، السيد سليمان، يعلم أكثرها، فحظينا بتيسير إلهي ذي كرامة لا يخطر على بال، سواء في نشر (الكلمات) والرسائل الأخرى، او في تصحيحها ووضعها في مواضعها وفي تسويدها وتبييضها. فلم يبق لدينا ريب -بعد ذلك- ان كل تلك العنايات الإلهية كرامة قرآنية.. ومثال هذا بالمئات.
ثم إننا نُربىّ بشفقة ورأفة وتجري معيشتنا بعناية بحيث يُحسِن إلينا صاحب العناية الذي يستخدمنا في هذه الخدمة بما يحقق أصغر رغبة من رغبات قلوبنا، وينعم بها علينا من حيث لا نحتسب.. وهكذا.
فهذه الحالة إشارة غيبية في منتهى القوة إلى أننا نُستخدم في هذه الخدمة القرآنية ونُدفع إلى العمل مكللين بالرضى الإلهي مستظلين بظل العناية الربانية.
الحمد لله هذا من فضل ربي.(2)
عدم إنتقادها:
على الرغم من انتشار الرسائل -بصورة عامة- انتشاراً واسعاً جداً، فان عدم قيام أحد بانتقادها ابتداءً من أعظم عالم إلى أدنى رجل من العوام، ومن اكبر ولي صالح تقي إلى أحط فيلسوف ملحد عنيد، هؤلاء الذين يمثلون طبقات الناس وطوائفهم. ورغم انها معروضة أمامهم ويرونها ويقرأونها، وقد استفادت كل طائفة منها حسب درجتها، بينما تعرّض قسم منهم إلى لطماتها وصفعاتها.. أقول: ان كل ذلك ليس إلاّ أثر عناية ربانية وكرامة قرآنية.. ثم ان تلك الأنماط من الرسائل التي لا تؤلف إلاّ بعد بحث دقيق وتحرّ ٍ عميق، فان كتابتها وإملاءها بسرعة فوق المعتاد أثناء انقباض وضيق -وهما يشوشان أفكاري وإدراكي- اثر عناية ربانية وإكرام إلهي ليس إلا.(1)
-------------------

(1) المكتوبات/482
(2) المكتوبات/485
(1) المكتوبات/483

لايوجد صوت