الا انهم لم يأذنوا لأحد بزيارتي ورؤيتي الا لصديقين او ثلاثة ولمدة ثلاث أربع ساعات فقط، وقد ساعدتني هذه الزيارة مساعدة جزئية جداً في كتابة دفاعي. ثم منعوا هؤلاء ايضاً، وعاملوهم معاملة قاسية وعاقبوهم. وأجبرونا على سماع لائحة الإتهام للمدعي العام البالغة خمس عشرة صحيفة والتي ملأها بالأكاذيب المغرضة وبالإفتراءات وبسوء الفهم.
حتى إنني أحصيت فيها واحداً وثمانين خطأً، ولم يسمحوا لي بالكلام وبالرد، ولو سمحوا لي بذلك لقلت لهم.
انتم تنكرون دينكم وتهينون أجدادكم -بوصفهم بأنهم كانوا على ضلالة- وتنكرون نبيكمy ولاتقبلون بقوانين قرآنكم الكريم، بينما لا تتعرضون لليهود ولا للنصارى ولا للمجوس، ولا للمنافقين المرتدين من الفوضويين من أنصار البلشفية، وذلك تحت شعار حرية الفكر وحرية الوجدان. وان الحكومة البريطانية التي نعلم مدى تعصبها للنصرانية ومدى جبروتها، تسمح للملايين من المسلمين الموجودين تحت حكمها بقراءة القرآن في كل وقت واخذ دروس منه، هذه الدروس التي ترّد كل العقائد الباطلة وكل الدساتير الكافرة للإنكليز. ثم ان المعارضين لكل حكومة يستطيعون إبداء آرائهم علناً ويستطيعون نشر هذه الأفكار، ولا تتعرض لهم محاكم هذه الحكومات. أما أنا فقد تم تدقيق أربعين سنة من حياتي وتدقيق مائة وثلاثين كتاباً من كتبي وجميع مكاتيبى ورسائلي حتى السرية منها في محكمة (اسپارطة) وفي محكمة (دنيزلي) وفي محكمة جزاء (آنقرة) وكذلك في رئاسة الشؤون الدينية، كما قامت محكمة التمييز بهذا التدقيق مرتين -وربما ثلاث مرات- وبقيت رسائل النور بكل نسخها الخاصة منها وغير الخاصة في يدها مدة حوالي ثلاث سنوات، ومع ذلك لم يجدوا فيها أي شئ يستوجب عقوبة مهما كانت صغيرة. وأنا أتساءل ما هو الذنب الذي اقترفناه لكي تقوموا بإصدار عقوبة قاسية في حقنا وسجننا سجناً انفرادياً وأنا بهذه الدرجة من الضعف وفي هذا الوضع القاسي من الظلم والقهر، وأي قانون او مصلحة او وجدان يرضى بهذا؟ مع